الجيش اللبناني يطلق خطة خمسية لجمع السلاح وإعادة سلطة الدولة

2025.09.06 - 06:41
Facebook Share
طباعة

يشهد لبنان مرحلة جديدة في ضبط الأمن واستعادة سلطة الدولة على أراضيها، مع انطلاق تنفيذ خطة قيادة الجيش اللبناني لتطبيق حصرية السلاح بيد الدولة، وهي خطوة تاريخية تترجم جهود السلطات السياسية والعسكرية لاحتواء الأزمات الداخلية، وفتح آفاق للحوار الوطني الشامل. وتأتي هذه الخطة، التي أعدها قائد الجيش العماد رودولف هيكل، بعد سنوات من التوترات الداخلية والاحتفاظ بالأسلحة خارج نطاق الدولة، خاصة في جنوب لبنان والمخيمات الفلسطينية، وفي ظل التأثيرات الإقليمية والدولية.

صياغة اتفاق وطني لتجنب الانزلاق السياسي

عُقدت جلسة مجلس الوزراء تحت رئاسة الرئيس جوزيف عون، في ظل انسحاب رمزي لبعض الوزراء الشيعة، لكن الاتصالات المكثفة التي قادها عون مع رئيسي البرلمان والحكومة، نبيه بري ونواف سلام، مكنت من التوصل إلى صيغة توافقية على الطريقة اللبنانية، تضمن استمرار الدولة في مسار ضبط السلاح. ويشير مصدر وزاري مطلع إلى أن هذه الصيغة «طبخت» بعناية لتجنب أي تفلت في الشارع أو استغلال سياسي للوضع، مع الحفاظ على استقرار المشهد الداخلي وإعطاء الضوء الأخضر للقوات المسلحة للبدء بتنفيذ الخطة على مراحل زمنية وجغرافية محددة.

خمس مراحل زمنية وجغرافية لضبط السلاح

تنفذ الخطة على خمس مراحل رئيسية:

1. المرحلة الأولى: جنوب الليطاني، مع دعم من قوة الطوارئ الدولية «يونيفيل»، لضمان انتشار الجيش حتى الحدود الدولية.


2. المرحلة الثانية: شمال الليطاني وصولًا إلى منطقة الأُولي، وتشمل ضبط الحدود ومنع أي عمليات إطلاق صواريخ أو تهريب أسلحة.


3. المرحلة الثالثة: العاصمة بيروت ومحيطها، بما في ذلك الضاحية الجنوبية، لتأمين العاصمة واستعادة السيطرة على المرافق العامة.


4. المرحلة الرابعة: منطقة البقاع ومحيطها، مع التركيز على منع تكرار أي احتكاكات مسلحة أو تهديدات أمنية.


5. المرحلة الخامسة: جميع المناطق اللبنانية الأخرى، مع استكمال جمع السلاح الفلسطيني من مخيمَي عين الحلوة والمية ومية، وضمان السيطرة الكاملة للدولة على كل الأسلحة غير المرخصة.

 

وتترافق كل مرحلة مع إجراءات دقيقة لاحتواء السلاح، تشمل منع حمله أو نقله، ومنع إنشاء أي منشآت توحي باستخدامها لأغراض عسكرية، وهو ما يمثل خطوة متقدمة في تطبيق القرار الدولي 1701 وضمان استقرار الجنوب اللبناني.

إجراءات مصاحبة لتعزيز السيطرة العسكرية والأمنية

قام وزير الدفاع اللواء ميشال منسى بخطوات تنظيمية مهمة لدعم الخطة، أبرزها تقليص تراخيص حمل السلاح، بحيث تكون محددة بنوع السلاح ورقمه، وإلغاء أي تراخيص كانت تمنح حرية أكبر في التنقل بالأسلحة الثقيلة. كما تم ضبط بطاقات تسهيل المرور لضمان عدم استخدامها في تهريب الأسلحة أو المواد الممنوعة، وهو ما يعكس حرص القيادة العسكرية على وضع ضوابط واضحة وصارمة.

التنسيق الدولي والتلازم بين الخطوات

يُشير مصدر مطلع إلى أن نجاح الخطة مرتبط بالتنسيق الدولي، خصوصًا مع الولايات المتحدة لضمان انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان. ومن المتوقع أن تسهم زيارة نائبة المبعوث الأمريكي مورغن أورتاغوس، والقائد الأمريكي للمنطقة الوسطى، في تعزيز فرص الانسحاب الإسرائيلي، بما يتيح للجيش إعادة نشر وحداته في المناطق الداخلية لمتابعة المراحل الأخرى من جمع السلاح وضبط الأمن.

الجانب السياسي الداخلي ودور الحوار

أعادت الخطة الاعتبار للتلازم بين الخطوات السياسية والأمنية، وهو ما كان مطلبًا مشتركًا لجميع القوى اللبنانية، بما في ذلك الثنائي الشيعي. وقد أكدت القيادة العسكرية أن التطبيق التدريجي والخاضع لجدول زمني مرن يضمن الاستقرار ويقلل من مخاطر تفلت الوضع الأمني. كما تم التأكيد على أن المراحل الانتقالية ستصاحَب بحوار داخلي مكثف لتحديد استراتيجية الأمن الوطني، بما يشمل آليات الرقابة على القوات المسلحة ومؤسسات الدولة، وتقليل أي أسباب لاستمرار الاحتفاظ بالأسلحة خارج الدولة.

بوادر انفراج مع سوريا وتطلعات مستقبلية

على الصعيد الإقليمي، تسجّل المفاوضات اللبنانية-السورية مؤشرات إيجابية، بعد زيارة وفد سوري إلى بيروت واجتماعه مع نائب رئيس الحكومة طارق متري. ومن المقرر أن تنطلق محادثات في دمشق بين لجنتين من الجانبين، الأولى حول التعاون القضائي، والثانية لتعزيز ضبط الحدود، بما يعكس التزامًا مشتركًا لتوفير شروط استقرار لبنان وإزالة أي تهديدات عسكرية محتملة من الحدود الشرقية.

 

تمثل هذه الخطة خطوة غير مسبوقة في ضبط الأمن اللبناني واستعادة الدولة لدورها الكامل، عبر الجمع المنهجي للسلاح خارج سلطة الدولة، وفتح حوار وطني يضمن تماسك المؤسسات ويقوي سلطة الجيش اللبناني. كما أنها تمثل اختبارًا حقيقيًا لقدرة الحكومة على التنسيق بين القوى السياسية المختلفة وإقناع المجتمع الدولي بدعم سيادة الدولة اللبنانية.

 


 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 4