الطرقات اللبنانية مهددة بالغرق مع اقتراب الشتاء

2025.09.06 - 12:23
Facebook Share
طباعة

 مع اقتراب موسم الأمطار في لبنان، تتجدد المخاوف من غرق الطرقات والأنفاق، وتكرار المشهد المألوف: شوارع تغمرها المياه، سيارات عالقة، ومواطنون يحاولون النجاة وسط الفيضان. رغم تحذيرات الأرصاد الجوية وتوقع منخفض جوي متوسط الفعالية، لم تظهر حتى الآن أي أعمال صيانة جوهرية على الأرض، فيما اقتصرت الإجراءات على بيانات طمأنة و"غرف عمليات" غير ملموسة، بحسب شهادات المواطنين الذين يقولون إن المشهد لن يختلف كثيرًا عن الأعوام السابقة.


البنية التحتية القديمة والخطر المتوقع
المشكلة ليست فقط في غزارة الأمطار، بل في قدم شبكة الصرف الصحي والأمطار في المدن اللبنانية. المصائد الأرضية أمام الأرصفة غالبًا ممتلئة بالأتربة والنفايات، والتنظيف غير منتظم. بعض الأنفاق مجهزة بمضخات قديمة تعمل على مولدات بلا صيانة كافية، وفي حالات كثيرة لا توجد تغذية احتياطية. في المناطق الحضرية، الأبنية غير المرخصة أو تعديل مستويات الأراضي حولها يعكس مسارات المياه نحو الطرق العامة بدلًا من شبكات الصرف، ما يفاقم احتمالات الفيضانات.


الوعود الحكومية بلا تطبيق
كل موسم، يطل مسؤول أو وزير ليعد بمتابعة الأعمال ومحاسبة المقصرين، لكن هذه التصريحات غالبًا تتحول إلى بيانات لا أثر لها. السبب ليس دائمًا سوء نية، بل خلل بنيوي في المحاسبة: المسؤوليات متشابكة بين وزارة الأشغال، البلديات، والمقاولين، وغالبية العقود قديمة أو مصحوبة بتعديلات "طارئة". عندما يحدث غرق، يبدأ تبادل المسؤوليات، لتظل الملفات معلقة دون نتائج فعلية.


ملف الدعاوى القديمة: محاكمات بلا نتيجة
على مدى السنوات الماضية، تم رفع دعاوى وبلاغات بعد كل حادثة غرق، لكن لم تسفر عن محاسبة فعلية. الأسباب متعددة: قانونيًا، تتطلب ملاحقة الوزراء أو المسؤولين قرارات برلمانية صعبة التنفيذ؛ إداريًا، معظم المخالفات تُصنَّف "تقصير إداري" لا "جرم جزائي"، وإجرائيًا تضيع الأدلة الفنية وسلاسل المسؤولية غير واضحة. النتيجة أن الحديث عن "محاسبة المسؤولين" يظل قنبلة دخانية، بينما المواطنون يكتفون بإصلاح أضرارهم بمفردهم.


الاستعداد قبل المطر: خطوة مفقودة
حتى الآن، لا تظهر على الأرض علامات تحضّر حقيقي: لا خرائط عامة لنقاط الخطر المزمنة، ولا جداول تنظيف أسبوعية، ولا اختبارات مضخات علنية. الاستعداد الحقيقي يُقاس قبل أول هطول للأمطار، لا أثناء حدوثه. أي كلام عن "التحرك الفوري" عند العاصفة يعني أننا في مرحلة المعالجة، لا الوقاية.


السيناريو السنوي المتوقع
مع أول زخّة مطرية كثيفة، تتكدس النفايات في المصائد، فتغلقها، وتتراجع قدرة الشبكة على التصريف، ويبدأ تدفق المياه إلى المسارات الفرعية. الأنفاق تتوقف، وتتعطل حركة الإسعاف والإطفاء والنقل اليومي، بينما المواطنون يبثون مقاطع استغاثة، وتصدر بيانات "حالة طوارئ". في اليوم التالي، يبدأ المواطن بتنظيف سيارته ومنزله، بينما المسؤولون يكررون عبارة "كمية أمطار غير مسبوقة".


إنذار واضح: الوقت ضيق
من دون جداول صيانة منشورة، وجردة للمجاري والمضخات، ومسح علني لنقاط الاختناق التاريخية، وقرار سياسي يحدد المسؤوليات بوضوح، لا يمكن توقّع تحسّن. المخاطر متوقعة، المناخ يتجه إلى زخّات أقصر وأقوى، والبنية التحتية لم تُحدَّث. أي غيمة كثيفة قد تعيد المشهد نفسه: شوارع تغمرها المياه، مواطنون يحاولون النجاة، ومسؤولون يختبئون خلف البيانات.


الشتاء يطرق الأبواب، ولبنان أمام فرصة محدودة لتغيير السيناريو السنوي قبل أن يتحول إلى كارثة متكررة.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 5 + 4