الكونغرس الأميركي يقترب من إلغاء قانون قيصر

وكالة أنباء آسيا

2025.09.06 - 11:30
Facebook Share
طباعة

 في خطوة جديدة، اقترح رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأميركي إدراج مشروع قانون لإلغاء قانون قيصر ضمن حزمة موازنة الدفاع لعام 2026. هذه الخطوة تأتي بعد حراك مكثف لفريق التحالف السوري الأميركي للسلام والازدهار داخل أروقة الكونغرس، حيث حصل الفريق على موافقة مبدئية من عدة أعضاء في مجلس النواب لدعم مشروع قانون قدمه النائب جو ويلسون بالتعاون مع النائبة مارلين ستدمان لإلغاء العقوبات المفروضة على سوريا منذ أكثر من خمس سنوات.


سياق إدراج مشروع القانون في موازنة الدفاع
إدراج مشروع إلغاء قانون قيصر ضمن حزمة ميزانية الدفاع ليس بالأمر الجديد على النظام الأميركي، فهو يذكر بالخطوات التي اتبعت عام 2019 لإقرار العقوبات نفسها ضمن قانون موازنة الدفاع السنوية، حيث تم التصويت عليها تلقائيًا دون الحاجة لجلسة مستقلة. هذه الطريقة تمنح مشروع القانون فرصة أكبر للتمرير، مع تقليل احتمالات الاعتراضات الفردية أو الخلافات الحزبية التي قد تعيق التصويت.


رئيس لجنة الدفاع في مجلس الشيوخ أبدى دعمه الكامل لهذه الخطوة، بالتعاون مع السيناتور الديمقراطي البارز جاك ريد، ما يعكس وجود توافق سياسي واضح بين الجمهوريين والديمقراطيين لدعم مشروع إلغاء العقوبات. في المقابل، تواجه مشاريع تمديد العقوبات لعامين إضافيين معارضة متزايدة داخل الكونغرس، ما يزيد من فرص إلغاء القانون الحالي.


المناخ السياسي داخل الكونغرس
تعد الأجواء السياسية داخل الكونغرس اليوم مختلفة تمامًا عن الفترة التي سبقت إقرار القانون عام 2019. هناك شعور واسع بين المشرعين بضرورة إعادة النظر في العقوبات، خصوصًا في ظل تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي في سوريا، وارتفاع أصوات المنظمات السورية الأميركية المناهضة لهذه العقوبات. الدعم السياسي لإلغاء قانون قيصر يبدو قويًا، حتى مع المخاوف الأمنية التي أثارتها بعض الحوادث الأخيرة في مناطق مثل السويداء، حيث لم تؤثر هذه الأحداث على الزخم العام لمشروع القانون.


ويعتبر إدراج المشروع ضمن موازنة الدفاع خطوة ذكية من الناحية البرلمانية، إذ يربط القرار بأحد أهم ملفات الأمن القومي الأميركي، ما يجعل إقراره أكثر احتمالًا، ويحد من فرص الاعتراضات الفردية أو التعطيلات التي قد تواجه مشروع قانون مستقل لإلغاء العقوبات.


توقيت التصويت وتأثيره السياسي
من المتوقع أن يبدأ التصويت على موازنة وزارة الدفاع خلال الفترة من أيلول إلى تشرين الثاني، مع توقيع الرئيس الأميركي قبل نهاية العام. توقيت هذا التصويت قد يتزامن مع حضور الرئيس السوري أحمد الشرع اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، ما يضيف بعدًا سياسيًا مهمًا للتطورات، ويتيح لسوريا فرصة تحسين موقفها على الساحة الدولية إذا تم تمرير مشروع إلغاء القانون في هذا التوقيت.


أثر إلغاء قانون قيصر على الاقتصاد السوري
رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة منذ سنوات سيؤدي إلى تغييرات جوهرية في الاقتصاد السوري، بدءًا من إعادة فتح الأبواب أمام الاستثمار الأجنبي، وصولاً إلى تعزيز العلاقات التجارية مع الدول الأخرى. ستتيح هذه الخطوة للشركات السورية المحلية العودة للعمل بحرية أكبر، مع إمكانية تصدير واستيراد البضائع دون قيود صارمة، ما سينعكس إيجابًا على سوق العمل ويحفز الاقتصاد المحلي على التعافي بعد سنوات من الركود.


كما ستمثل هذه الخطوة فرصة كبيرة للقطاع المصرفي السوري، حيث يمكن للبنوك إعادة التواصل مع نظيراتها الدولية، وتسهيل التحويلات المالية للمواطنين والشركات، ما يقلل الاعتماد على الوسائل غير الرسمية المكلفة والمعقدة.


انعكاسات اجتماعية وسياسية
إلغاء قانون قيصر ليس مجرد خطوة اقتصادية، بل يحمل دلالات سياسية واجتماعية كبيرة. فهو يعكس توجهًا أميركيًا نحو إعادة ضبط العلاقة مع سوريا، ويضع الحكومة السورية في موقف أقوى على الصعيد الداخلي والخارجي. على المستوى الاجتماعي، من المتوقع أن يخفف القرار من المعاناة اليومية للمواطنين، خصوصًا فيما يتعلق بالوصول إلى السلع الأساسية والخدمات الحيوية، التي عانى المواطنون من محدوديتها خلال السنوات الماضية نتيجة العقوبات.


على المستوى السياسي، سيمكن إلغاء القانون الحكومة السورية من تعزيز شرعيتها داخليًا وخارجيًا، وإعادة فتح القنوات الدبلوماسية مع شركاء دوليين. هذا القرار قد يخفف أيضًا من التوترات في المناطق التي تأثرت مباشرة بالعقوبات، بما في ذلك قطاعات التعليم والصحة والطاقة.


ردود الفعل المحلية والدولية

على الصعيد الدولي، من المتوقع أن يستقبل هذا القرار بترحاب واسع من الدول الداعمة للحوار والسلام في سوريا، حيث يمثل خطوة نحو إعادة إدماج البلاد في المجتمع الدولي. أما على المستوى المحلي، فقد أبدى العديد من النشطاء والفاعلين الاقتصاديين تفاؤلهم بشأن انعكاسات القرار على تحسين جودة الحياة، وفتح فرص اقتصادية جديدة للشباب ورواد الأعمال السوريين.


وفي المقابل، هناك من يظل متخوفًا من تبعات رفع العقوبات بشكل كامل قبل التأكد من تقدم الإصلاحات الداخلية، خصوصًا فيما يتعلق بالشفافية ومكافحة الفساد، إذ يمكن أن تؤدي إزالة العقوبات دون رقابة فعالة إلى استفادة بعض النخب على حساب المواطنين العاديين.


تحليلات الخبراء
يشير محللون سياسيون إلى أن إدراج مشروع إلغاء قانون قيصر ضمن موازنة الدفاع الأميركية يعكس توافقًا نادرًا بين الأحزاب الأميركية حول ملف العقوبات على سوريا، وهو ما قد يسهّل عملية تمريره. كما يرى الخبراء أن هذه الخطوة تمثل مؤشرًا على تغير النظرة الأميركية تجاه سوريا، بعد سقوط نظام الأسد، والانتقال من سياسة الضغط الاقتصادي والعزلة إلى سياسة الحوار وإعادة البناء.


ومن الناحية الاقتصادية، يشير المحللون إلى أن رفع العقوبات سيؤدي إلى زيادة في حجم الاستثمارات الأجنبية، وتحسن قيمة الليرة السورية، وعودة النشاط الصناعي والتجاري تدريجيًا، ما سينعكس على مستويات البطالة والدخل الفردي، ويخفف الضغوط الاقتصادية على الأسر السورية.


إلغاء قانون قيصر في حال تمريره سيشكل نقطة تحول تاريخية في العلاقات السورية الأميركية، وسيكون له تأثير مباشر على الاقتصاد والمجتمع والسياسة السورية. خطوة كهذه ليست مجرد تحرير للعقوبات، بل بداية لمرحلة جديدة من الانفتاح الاقتصادي، وإعادة التوازن السياسي، وتحسين الظروف الاجتماعية. ومع ذلك، يبقى النجاح الكامل مرتبطًا بقدرة الحكومة السورية على إدارة هذا الانفتاح، وضمان استفادة جميع فئات المجتمع من الفرص الجديدة، إضافة إلى متابعة الوضع على الصعيد الدولي لتحقيق استقرار دائم.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 4