الهول .. من الاحتواء الأمني إلى الانفجار المحتمل

وكالة أتباء آسيا

2025.09.06 - 09:56
Facebook Share
طباعة

 شهد مخيم الهول بريف الحسكة الشرقي حملة أمنية جديدة نفذتها “قوى الأمن الداخلي” (أسايش) التابعة للإدارة الذاتية، تحت مسمى “الإنسانية والأمن”، في محاولة للحد من تصاعد نشاط خلايا تنظيم "الدولة الإسلامية" داخل المخيم، الذي ما يزال يمثل أحد أكثر الملفات الأمنية تعقيدًا في شمال شرقي سوريا.


المخيم تحت المجهر
الحملة الأخيرة جاءت بعد سلسلة من الحوادث الأمنية الدامية، حيث سجلت أكثر من 30 هجمة استهدفت كوادر إنسانية ومرافق خدمية، ما جعل من المخيم بيئة غير آمنة للعمل الإغاثي. “أسايش” أكدت أن التنظيم يستغل هشاشة الأوضاع لتمرير أفكاره المتطرفة، مركّزًا على الأطفال والمراهقين عبر نساء يرتبطن بعناصره السابقين، في محاولة لإعادة إنتاج ما يسمى بـ"أشبال الخلافة".


بذلك، يتحول المخيم الذي يضم نحو 46,500 شخص من سوريين وعراقيين وأجانب، إلى ما يشبه "مدرسة أيديولوجية" غير رسمية، حيث تُفرض ممارسات متشددة، ويجري تحريض القاصرين على العنف، في مشهد يعكس خطورة ترك هذا الملف دون حلول جذرية.


الهروب الكبير.. جرس إنذار
لم يكد يمضي وقت على إعلان أسايش إحباط محاولة هروب جماعي ضمت 56 شخصًا من عائلات التنظيم، حتى كشفت الحملة الأمنية حجم الفوضى والتهديد الكامن داخل المخيم. محاولة الهروب هذه، باستخدام شاحنة كبيرة، سلطت الضوء على مدى التنظيم الداخلي الذي ما تزال بعض الشبكات قادرة على إدارته، برغم سنوات من السيطرة الأمنية.


أبعاد سياسية وأمنية
ملف الهول لا يقتصر على الجانب الأمني، بل يتجاوز ذلك ليصبح ورقة سياسية حساسة. فالمخيم بات نقطة تقاطع بين مصالح متناقضة:
قوات سوريا الديمقراطية (قسد): ترى فيه ورقة ضغط في تعاملها مع القوى الدولية والإقليمية.
دمشق: تعتبره تحديًا للسيادة، وتضغط لاستعادة إدارة هذا الملف.
المجتمع الدولي: يربط بين استقرار المخيم ومنع عودة التنظيم إلى الواجهة.


من هنا، تتضح خطورة الموقف، إذ لا يمكن فصل ما يحدث في المخيم عن صراع النفوذ الأوسع في المنطقة، سواء بين الفاعلين المحليين أو القوى الكبرى.


مستقبل غامض
تركيز التنظيم على الفئات الهشة، خصوصًا الأطفال، يفتح الباب أمام جيل جديد من المتطرفين، قد يشكل تهديدًا طويل الأمد للأمن المحلي والإقليمي. وفي الوقت ذاته، استمرار التعامل مع المخيم كـ"أداة ضغط سياسية" يطيل عمر الأزمة، ويحول دون إيجاد حلول إنسانية وأمنية مستدامة.


إضافة إلى ذلك، تعكس الحملات الأمنية المتكررة حالة "الإطفاء المؤقت" أكثر مما تمثل معالجة جذرية. فكل عملية أمنية، مهما كانت واسعة، لن تعالج الخطر الفكري المتجذر ما لم ترافقها برامج تأهيل وتعليم وإعادة دمج.


بين الواقع والمخاطر
يمكن القول إن مخيم الهول تحول إلى قنبلة موقوتة، ليس فقط بسبب نشاط خلايا "داعش"، بل بسبب العجز الدولي عن إيجاد حل لمصير آلاف النساء والأطفال. وهو ما يجعل من المخيم، في التحليل الإستراتيجي، تحديًا يفوق طاقة طرف محلي منفرد، ويستدعي تفاهمًا دوليًا وإقليميًا واسعًا.


الحملة الأمنية الأخيرة قد توفر هدوءًا نسبيًا، لكنها لا تعني نهاية الخطر. فمخيم الهول سيظل محورًا لصراع مركب بين الأمن والسياسة والإنسانية. ما لم يُطرح حل جذري يتجاوز فكرة "الإدارة الأمنية" إلى معالجة اجتماعية وسياسية شاملة، فإن الهول سيبقى مصدرًا دائمًا للتوتر، وقابلاً للانفجار في أي لحظة.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 2