تسعى الحكومة السورية إلى تهدئة التوتر المتصاعد في السويداء بعد الأحداث الدامية التي شهدتها المحافظة في يوليو/تموز الماضي، عبر سلسلة إجراءات تهدف لإعادة الاستقرار وفتح قنوات التواصل مع السكان المحليين. شملت هذه الإجراءات إعادة فتح طريق دمشق-السويداء الدولي لتسهيل حركة المسافرين والقوافل التجارية، وتعيين قائد جديد للأمن الداخلي، إضافة إلى تشكيل لجنة تحقيق حكومية للتحقق في الانتهاكات التي ارتكبت أثناء التدخل العسكري. تهدف هذه الخطوات إلى إعادة الخدمات الأساسية ودمج السويداء تدريجياً مع الدولة.
رغم ذلك، تبدو ثقة السكان محدودة، إذ يشكك الكثيرون بالدور الحكومي في التحقيق، ويطالبون بلجنة دولية محايدة. فاللجنة الحكومية، رغم اعتقالها المشتبه بهم، لم تستطع تهدئة الشكوك بشأن محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات، في ظل الصدمة النفسية الكبيرة التي خلفتها الأحداث الدامية واقتحام القرى.
تواجه الحكومة تحديًا مزدوجًا؛ فمن جهة تحاول تقديم مبادرات سياسية وخدماتية، ومن جهة أخرى تواجه مقاومة من بعض الجهات المحلية التي تستند إلى تدخلات خارجية لتعزيز موقفها المطالب بالانفصال أو تقرير المصير.
ويُعتبر مراقبون أن نجاح أي خطوة حكومية مرتبطًا بفقدان هذه الجهات للدعم الخارجي الذي يغذي مطالبها، إضافة إلى قدرة الدولة على تقديم حلول عملية تتجاوز الإجراءات الأمنية لتشمل الجوانب المعيشية والاجتماعية.
أهمية الاعتراف الرسمي بالأخطاء في التعامل مع الأزمة تتجلى في كونه شرطًا أساسيًا لاستعادة الثقة بين الحكومة والسكان، إذ أن الحل الأمني وحده لم يكن كافيًا لمعالجة الاحتقان الذي تراكم على مدار سنوات، خاصة بعد الانتهاكات والصدمات التي تعرض لها السكان.
هذا الواقع يوضح أن المطالبة بحق تقرير المصير هي انعكاس للشعور بالخطر الوجودي والصدمة النفسية أكثر من كونها خيارًا سياسيًا أو اقتصاديًا مدروسًا.
السيناريوهات المتوقعة:
1. نجاح محدود للإجراءات الحكومية: في حال استمرار الدعم الخارجي للجهات المطالبة بالانفصال، قد تبقى الأزمة تحت السيطرة الأمنية دون معالجة الأسباب الجذرية، ما يجعل التوتر يتكرر بين الحين والآخر.
2. تراجع المطالب الانفصالية: إذا نجحت الحكومة في تقديم حلول عملية وتقديم المساعدات الأساسية، مع ضمان شفافية التحقيقات وإشراك المجتمع المحلي، قد يتراجع الضغط على المطالب الانفصالية ويستقر الوضع نسبيًا.
3. تصعيد الأزمة: استمرار فقدان الثقة واستغلال تدخلات خارجية قد يؤدي إلى تجدد الاحتكاكات المسلحة، وارتفاع احتمالية تدخل أطراف إقليمية أو دولية تزيد من تعقيد الوضع، ما يهدد استقرار السويداء على المدى الطويل.