إعادة قانون القضاء العدلي إلى مجلس النواب: خلفيات وتداعيات المستقبل

متابعات _ وكالة أنباء آسيا

2025.09.05 - 08:16
Facebook Share
طباعة

أقدم رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون على إعادة القانون المتعلق بتنظيم القضاء العدلي إلى مجلس النواب، وفق المهلة الدستورية وصلاحياته المنصوص عليها في المادة 57 من الدستور، بعد مراجعة دقيقة للمواد القانونية التي شابت نصوصها أخطاء أو تناقضات قد تؤثر على فعالية عمل المجلس الأعلى للقضاء واستقلالية القضاء.

دوافع القرار:

تأتي هذه الخطوة بعد اعتماد القانون من مجلس النواب وإحالته للحكومة لإصداره، إلا أن عدة مواد لاحظت عدم انسجام داخلي، أبرزها:

اختلاف الدرجات المطلوبة لشغل المناصب العليا، مثل الرئيس الأول لمحكمة التمييز ورئيس معهد الدروس القضائية، بين المواد 2 و81 و109.

تحديد مدة الولاية بشكل متباين، ما يخلق تعارضاً بين المادة الثانية والمادة 109.

نقل صلاحيات الدعوة من رئيس المجلس إلى ثلث الأعضاء ومن ثم ثلث القضاة العاملين، دون تحديد مهلة زمنية واضحة.

التناقض بين المادة الثانية والرابعة حول شروط الترشيح للمراكز العليا، وتأثير ذلك على وضوح المعايير القانونية.شمواد أخرى تحتوي على أخطاء مطبعية ولغوية تؤثر على المعنى القانوني، تستوجب التصحيح لضمان وضوح النصوص واستقلالية السلطة القضائية.

الأبعاد الدستورية والسياسية:

قرار رئيس الجمهورية يعكس ممارسة صريحة للصلاحيات الدستورية، لضمان انسجام القانون مع الدستور، بما يحقق وحدة النصوص ووضوح الصلاحيات. ويؤكد حرص الدولة على تفادي ثغرات قانونية قد تُستخدم للطعن في قرارات المجلس الأعلى للقضاء أو تعرقل قيامه بمهامه.

سياسياً، يعكس القرار دور الرئيس كحارس دستوري، خصوصاً في قوانين تتعلق بالمؤسسات العليا، ويشير إلى أهمية التوازن بين السلطة التشريعية والتنفيذية لضمان احترام استقلال القضاء، وإبراز التزام الدولة بآليات واضحة للترشيح والتعيين، بما يقلل من أي تدخل سياسي غير مبرر.

آراء الخبراء القانونية:

محامون ومستشارون قضائيون يؤكدون أن إعادة النظر في القانون ضرورة لضمان وضوح المعايير، وتفادي أي ثغرات قانونية قد تُستغل ويشير بعض الخبراء إلى أن التناقضات بين المواد يمكن أن تؤدي إلى تعطيل التعيينات أو خلق نزاعات داخل المجلس الأعلى للقضاء، مما يؤثر على استقرار المؤسسة القضائية وأداء مهامها.

المسارات المتوقعة:

تتعدد المسارات بعد إعادة القانون، أهمها:

1. إعادة المجلس النيابي دراسة المواد المعاد النظر فيها مع إدخال التعديلات اللازمة، ما يحقق توحيد النصوص وضمان صلاحيات واضحة للمجلس الأعلى للقضاء.


2. مناقشات مطوّلة تؤخر إصدار القانون، ما قد يؤدي إلى تأجيل التعيينات القضائية وتأخير مهام المجلس الأعلى للقضاء.


3. إدخال تحسينات إضافية خلال النقاش النيابي، تعزز الشفافية وتوضح آليات العمل القضائي، بما يرسخ استقلال القضاء ويقلل النزاعات القانونية المستقبلية.

 

السياق الأوسع:

القرار يعكس صراعاً بين الطموحات التشريعية والحاجة إلى المحافظة على استقلالية القضاء، في ظل حكومة تواجه ضغوطاً سياسية واقتصادية. كما يبرز تحدياً أمام المجلس النيابي لإصدار قانون متوازن يضمن التوافق بين السلطات ويعكس الالتزام بالدستور.

إعادة القانون تسلط الضوء على أهمية دقة النصوص القانونية في القوانين الحساسة، وتوضح أن أي خلل قد يؤثر على استقلالية القضاء وأداء المؤسسات العليا. كما تؤكد ضرورة وجود مراجعة دستورية قبل إصدار قوانين تمس هيكل السلطة القضائية، بما يضمن استقرار النظام القضائي وحماية حقوق القضاة والمواطنين على حد سواء.

في النهاية، يبدو أن إعادة القانون ستعيد فتح النقاش حول العلاقة بين السلطة التشريعية والتنفيذية والقضاء، وتبرز دور الرئيس كضامن دستوري يحمي سير المؤسسات العليا وفق معايير واضحة، ما يساهم في تعزيز الثقة بالقضاء واستقرار الدولة اللبنانية. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 4 + 6