انعقد مجلس الوزراء اللبناني بعد ظهر الجمعة في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون وبحضور رئيس الحكومة نواف سلام، لمناقشة أربعة بنود ذات طابع مالي وبيئي، إضافة إلى خطة الجيش لحصر السلاح التي قدّمها قائد الجيش العماد رودولف هيكل. الجلسة استهلت بالوقوف دقيقة صمت عن روح النائب السابق حسن الرفاعي، قبل أن تشهد انسحاب الوزراء الشيعة: محمد حيدر، ركان ناصر الدين، ياسين جابر، وتمارا الزين، فيما فضل الوزير فادي مكي البقاء في قاعة جانبية.
دلالات الانسحاب:
انسحاب الوزراء ترافق مع بدء عرض الخطة العسكرية، وهو ما أضفى على الخطوة أبعاداً سياسية تتجاوز الطابع الإجرائي للجلسة، المراقبون رأوا أنّ الانسحاب الجماعي يشير إلى موقف مشترك يهدف إلى التأكيد على ضرورة التوافق الوطني قبل السير في أي مشروع يتعلق بملف السلاح.
في المقابل، استمرار الجلسة برئاسة عون وحضور سلام أظهر حرصاً على عدم تعطيل أعمال الحكومة، مع الإبقاء على باب النقاش مفتوحاً.
القراءة السياسية:
المواقف التي سبقت الجلسة عكست تبايناً في المقاربة، وزير الصحة ركان ناصر الدين اكتفى بعبارة "كلو خير"، فيما قال وزير العمل محمد حيدر رداً على سؤال حول بقائه "بعد شوي بتعرفوا"، وزير الاتصالات شارل الحاج اعتبر أن "الميثاقية بمطرح آخر"، بينما شدد وزير الداخلية أحمد الحجار على ضرورة انتظار ما سيعرضه الجيش مؤكداً أنّ الإجراءات الأمنية اتُّخذت مسبقًا.
وزير الصناعة جو عيسى الخوري نفى احتمال حدوث صدام داخل الجلسة، هذه التصريحات مجتمعة تعكس حالة ترقب أكثر من كونها مواجهة مباشرة، حيث فضّل كل طرف التعبير عن موقفه بقدر من التحفظ.
السيناريوهات المحتملة:
المسار الأكثر ترجيحاً، وفق مصادر محلية ، أن تنتهي الجلسة بأخذ العلم بالخطة من دون إقرارها، على أن يُعاد طرحها في وقت لاحق بعد مشاورات أوسع، خيار آخر يتمثل في تشكيل لجنة مصغرة لدرس التفاصيل وإعداد صيغة توافقية قد تحظى بقبول جميع الأطراف. أما السيناريو الثالث، وهو الأقل احتمالًا، فيتمثل في تعطيل كامل لجدول الأعمال إذا قرر الوزراء المنسحبون التشدد في موقفهم.
حتى اللحظة، الجلسة ما زالت مستمرة، وقد أظهرت أن الحكومة قادرة على الانعقاد رغم الانقسامات، لكنها محدودة القدرة على اتخاذ قرارات حساسة بغياب مكوّن أساسي. الملف المطروح يرتبط بتوازنات سياسية وطائفية دقيقة، إضافة إلى تأثيرات إقليمية ودولية، ما يجعل حسمه في جلسة واحدة أمرًا غير متوقع. بذلك، تبقى المرحلة الحالية أشبه بجولة أولى من النقاش، بانتظار بلورة توافق أوسع يتيح التعامل مع خطة الجيش على أرضية مشتركة.