يتجه العالم لمتابعة تحرك بحري غير مسبوق في المتوسط، مع تحرك أسطول دولي للإبحار نحو غزة في محاولة مباشرة لتحدي الحصار المستمر منذ أكثر من 18 عاماً، التحرك يضع إسرائيل أمام معادلة معقدة بين الحفاظ على هيبة قوتها العسكرية وتجنب عزلة سياسية جديدة.
ما يميز هذه المرة هو الحجم والزخم؛ إذ يتوقع أن يصل عدد القوارب المشاركة إلى نحو خمسين، رقم لم يسجل حتى في تجربة "مافي مرمرة" الشهيرة عام 2010.
انطلاق السفن من موانئ برشلونة، جنوة، أثينا، وتونس يعكس اتساع الداعمين وتنوعهم جغرافيًا وسياسيًا، إذ يشارك ناشطون من أوروبا وآسيا وأفريقيا في تحالف يضم اتحاد أسطول الحرية وحركات تضامن أخرى.
هذا التنوع يضاعف الرمزية، ويضع إسرائيل أمام معادلة مختلفة: فالمواجهة المحتملة ليست مع مجموعة محدودة، بل مع جبهة مدنية عالمية تحمل دعمًا إعلاميًا وحقوقيًا واسعًا.
القلق في تل أبيب يتركز على سؤال جوهري: كيف يمكن التعامل مع موجة متزامنة من القوارب، خصوصًا إذا تزامنت في نقطة وصول واحدة قرب غزة؟ أي محاولة للاعتراض في المياه الدولية ستفتح الباب لانتقادات قاسية، وقد تُدخل إسرائيل في مواجهة دبلوماسية مع أكثر من دولة.
في المقابل، تجاهل القافلة أو السماح لها بالوصول يعني ضرب أحد أعمدة الحصار البحري الذي تعتبره المؤسسة الأمنية خطًا أحمر منذ 2007.
التجربة السابقة أظهرت أن التدخل العسكري العنيف يترك تداعيات يصعب احتواؤها، بينما المراقبون يرون أن تكرار السيناريو سيجعل تل أبيب في عزلة أكبر.
لذلك يظل الاحتمال الأقوى هو البحث عن مقاربة تجمع بين الضغط الميداني والمناورة السياسية، ربما عبر اعتراض محدود أو محاولات لتجزئة الأسطول ومنع وصوله ككتلة واحدة.
الأيام المقبلة ستكشف إن كان هذا التحرك سيشكل مجرد حدث رمزي آخر، أم أنه سيعيد صياغة النقاش حول شرعية الحصار البحري على غزة. المؤكد أن المشهد هذه المرة يتجاوز الجانب الإنساني إلى اختبار استراتيجي يعكس توازنات إقليمية ودولية جديدة، ويضع إسرائيل أمام معركة صورة لا تقل خطورة عن أي مواجهة عسكرية.