معارضة برلمانية وضغط شعبي.. هل تجرؤ لندن على كسر صمتها تجاه إسرائيل؟

لندن- وكالة أنباء آسيا

2025.09.05 - 01:44
Facebook Share
طباعة

تواجه الحكومة البريطانية اختباراً سياسياً ودبلوماسياً مع اقتراب زيارة الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتصوغ إلى لندن الأسبوع المقبل، في وقت يتصاعد فيه الغضب الشعبي والبرلماني من العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، وما خلّفته من دمار واسع واتهامات دولية بارتكاب إبادة جماعية. الزيارة التي يفترض أن تعكس تقارباً سياسياً بين البلدين، تحولت إلى ملف خلاف داخلي يهدد بتعميق الانقسام داخل الساحة البريطانية.

 

 

رغم تأكيد وسائل الإعلام البريطانية، ومنها شبكة Sky News، أن هرتصوغ سيتواجد في بريطانيا يومي الأربعاء والخميس، فإن داونينغ ستريت تجنّب الإعلان المباشر عن تفاصيل الزيارة، مكتفياً بالتصريح بأن "أي زيارات ستُعلن بالطرق المعتادة". هذا الحذر يعكس خشية الحكومة من إثارة ردود فعل إضافية، خاصة مع حساسية التوقيت الذي تأتي فيه الزيارة تزامناً مع حملة انتقادات واسعة للسياسة الإسرائيلية في غزة.

 

برلمانيون يرفعون الصوت ضد الزيارة

داخل مجلس العموم، تزايدت الدعوات لرفض اللقاء بهرتصوغ. النائبة العمالية سارة تشامبيون، رئيسة لجنة التنمية الدولية، اعتبرت أن "أي اجتماع مع الرئيس الإسرائيلي يقوض موقف بريطانيا الرسمي من إدانة ما يجري في غزة"، مضيفة: "لقد أقرت المملكة المتحدة بخطر الإبادة، فماذا يعني استقبال من يقود هذه الحرب؟".

المعارضة لم تقتصر على حزب العمال وحده، بل امتدت إلى شخصيات سياسية بارزة مثل جون ماكدونيل، وزير الظل السابق للمالية، الذي وصف الزيارة بأنها "عار على بريطانيا"، فيما ذهبت النائبة زارا سلطانة أبعد من ذلك، إذ دعت علناً إلى "اعتقال هرتصوغ" بسبب الجرائم المزعومة في غزة، مؤكدة أنها تشعر "بالغضب من محاولة منحه شرعية سياسية على حساب الضحايا الفلسطينيين".

 


إسرائيل تنفي وبريطانيا تُراوغ

إسرائيل بدورها ترفض الاتهامات الموجهة إليها بارتكاب إبادة جماعية، وتصر على أن هذا الملف "قانوني" يخضع لمحكمة العدل الدولية. في المقابل، تواصل الحكومة البريطانية تجنّب استخدام المصطلح، لكنها لا تستطيع إنكار تصاعد الغضب الشعبي والدولي من مشاهد الدمار والكارثة الإنسانية في غزة.

اللافت أن رئيس الوزراء كير ستارمر بدا أكثر حدة في خطابه خلال الأسابيع الأخيرة. فقد حذّر تل أبيب من أن المملكة المتحدة ستعترف بالدولة الفلسطينية خلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الشهر إذا لم تلتزم بشروط واضحة، تشمل وقف إطلاق النار وتخفيف الأزمة الإنسانية، مع وقف أي محاولات للاستيلاء على مدينة غزة.

 


معادلة معقدة: بين واشنطن وغزة

الزيارة تضع لندن أمام معادلة صعبة: فمن جهة، تسعى الحكومة للحفاظ على موقعها كشريك إستراتيجي للولايات المتحدة وإسرائيل وحلفائها الغربيين مثل فرنسا وكندا، ومن جهة أخرى تواجه ضغطاً داخلياً من برلمانيين وناشطين وجماعات حقوقية تطالب بموقف أكثر صرامة تجاه تل أبيب.

ويرى المعارضون أن استقبال هرتصوغ في هذا التوقيت "مكافأة لحكومة تحاصر مليوني إنسان في غزة"، بينما يجادل مؤيدون بأن مقاطعة الزيارة قد تقلّص من قدرة بريطانيا على لعب دور فاعل في أي تسوية سياسية مقبلة.

 


تأتي هذه التطورات بعد صيف دامٍ في غزة، حيث اتسعت العمليات العسكرية الإسرائيلية لتشمل خطة السيطرة على المدينة نفسها، ما دفع الخطاب البريطاني الرسمي إلى لهجة أكثر انتقاداً لإسرائيل، وإن ظل في إطار الموازنة الدقيقة بين الضغوط الداخلية والالتزامات الدولية.

ويبقى السؤال مفتوحاً: هل ستتجرأ بريطانيا على تحويل خطابها السياسي إلى خطوات عملية عبر الاعتراف الرسمي بالدولة الفلسطينية، أم أنها ستكتفي بتأجيل الحسم، مفضلة إدارة التوازنات الدبلوماسية على مواجهة الواقع الميداني في غزة؟

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 2