حذّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) من انهيار كامل لمقومات الحياة في مدينة غزة، مؤكدة أن "الطفولة لا يمكن أن تبقى على قيد الحياة" في ظل التصعيد الإسرائيلي المتواصل، وما يرافقه من مجاعة ونزوح وانهيار للخدمات الأساسية. يأتي ذلك بينما تواصل إسرائيل حشد قواتها للسيطرة على مدينة غزة، وسط حرب مفتوحة ضد حركة حماس منذ أكتوبر 2023.
تحذيرات أممية
في إفادة من جنيف، قالت المتحدثة باسم اليونيسف تيس إنغرام إن ما يجري في غزة لم يعد مجرد مخاوف مستقبلية، بل "واقع كارثي يعيشه نحو مليون إنسان ما زالوا داخل المدينة". وأكدت أن سوء التغذية والمجاعة ينهشان أجساد الأطفال، فيما يحرمهم النزوح من المأوى والرعاية، وتطاردهم القذائف في كل حركة.
وأضافت إنغرام أن ما يحدث ليس "عرضياً"، بل نتيجة مباشرة لسياسات حولت غزة إلى مكان تتعرض فيه حياة المدنيين للهجوم المستمر، داعية إسرائيل إلى مراجعة قواعد اشتباكها بما يحمي الأطفال، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية، كما دعت حماس إلى إطلاق سراح جميع الرهائن.
حرب مفتوحة وتصعيد مستمر
الجيش الإسرائيلي استدعى آلاف الجنود الاحتياط تمهيداً لعملية واسعة في غزة، التي تحولت إلى أنقاض بفعل القصف الجوي والبري منذ اندلاع الحرب في أكتوبر 2023. وتشير الأرقام الصادرة عن وزارة الصحة في غزة – والتي تعتبرها الأمم المتحدة موثوقة – إلى مقتل أكثر من 64 ألفاً و200 فلسطيني منذ بداية العدوان، معظمهم من النساء والأطفال.
في المقابل، تستند إسرائيل إلى هجوم 7 أكتوبر 2023 الذي نفذته حماس وفصائل فلسطينية أخرى على مستوطنات "غلاف غزة"، والذي أسفر عن مقتل نحو 1200 إسرائيلي وأسر 250 آخرين. وتقول تل أبيب إن 48 رهينة ما زالوا في القطاع، بينهم نحو 20 يُعتقد أنهم أحياء.
كارثة إنسانية متفاقمة
مع استمرار العمليات العسكرية، يتحدث شهود ومنظمات إغاثية عن انهيار شبه كامل في البنية التحتية، وفقدان الأمن الغذائي، وانقطاع الكهرباء والمياه، الأمر الذي جعل غزة نموذجاً للمجاعة في زمن الحرب. ويصف مراقبون الوضع بأنه "تفكيك ممنهج للحياة الفلسطينية"، في إشارة إلى تآكل أسس البقاء يوماً بعد يوم.
الحرب الدائرة منذ أكتوبر 2023 بين إسرائيل وحماس لا تقتصر تداعياتها على الميدان العسكري، بل تُعمّق مأساة إنسانية غير مسبوقة في قطاع غزة. ومع اقتراب إسرائيل من السيطرة على مدينة غزة، تبدو المخاطر مضاعفة على المدنيين، خصوصاً الأطفال، الذين باتوا يواجهون شبح المجاعة والنزوح الدائم. وبينما تتعالى أصوات المنظمات الدولية بالتحذير، يبقى مصير سكان القطاع رهين القرارات العسكرية والسياسية التي تواصل دفع المنطقة إلى المجهول.