سد النهضة: تهديد أم فرصة؟

القاهرة: وكالة أنباء آسيا

2025.09.04 - 04:01
Facebook Share
طباعة

لا تزال التوترات بين مصر والسودان وإثيوبيا مستمرة حول ملف سد النهضة، في ظل الخلافات المستمرة حول تشغيل السد وإدارة مياه النيل. وقد جاءت هذه التوترات بعد أيام قليلة من إعلان رئيس وزراء إثيوبيا أبي أحمد أن السد يتوقع أن يحقق إيرادات تصل إلى مليار دولار سنوياً، داعياً إلى تعاون مشترك بين الدول الثلاث، في حين ردت دولتا المصب باتخاذ خطوات عملية لتعزيز مراقبة النهر وضمان حقوقهما المائية.


تنسيق مصري-سوداني لمواجهة المخاطر

عقد وزير الري المصري هاني سويلم ونظيره السوداني عصمت قرشي عبد الله اجتماعاً موسعاً في القاهرة، ناقشا خلاله عدد من الملفات الحيوية المتعلقة بإدارة مياه النيل. وشمل الاجتماع الاتفاق على متابعة الهيدرولوجيا وتشغيل السدود القائمة، بالإضافة إلى صيانة وتشغيل محطات القياس ونوعية المياه، بما يضمن الاستخدام الأمثل للموارد المائية ويعظم الفائدة للبلدين.

وأكد الوزيران خلال الاجتماع على ضرورة استمرار التنسيق اليومي بين القاهرة والخرطوم، كإجراء استباقي لمواجهة أي خطوات أحادية الجانب قد تتخذها إثيوبيا في إدارة السد، مع مراعاة الأبعاد القانونية والاقتصادية والاجتماعية لتلك الخطوات على دولتي المصب.

 

الالتزام بالقانون الدولي: إطار التعاون المستدام

شددت مصر والسودان على ضرورة الالتزام التام بقواعد القانون الدولي للمياه، خصوصاً ما يتعلق بسد النهضة. كما أكدا على أهمية احترام مبادرة حوض النيل، التي تعتبر الإطار الجامع لدول الحوض، باعتباره السبيل الوحيد لاستعادة التوافق والشمول بين جميع دول النهر.

وشدد الوزيران على دعم الآلية التشاورية الحالية، والتي تمثل المسار الرئيس للتفاهم بين دول الحوض، مشيرين إلى أن أي تجاهل لهذه الآلية قد يؤدي إلى زيادة التوترات ويهدد استقرار المنطقة.

 

المخاطر والآثار المترتبة على دولتي المصب

اعتبرت مصر والسودان أن السد الإثيوبي يمثل تهديداً مستمراً لاستقرار حوض النيل الشرقي، نظراً للمخاطر المتعلقة بالملء الأحادي للسد، وتشغيله دون توافق دولي، بالإضافة إلى التصريفات المائية غير المنضبطة التي قد تؤثر على الأمن المائي في الدولتين، وتزيد من احتمالات التعرض للجفاف.

وأشار الطرفان إلى أن الخطوات الأحادية لإثيوبيا قد تترتب عليها آثار جسيمة على دولتي المصب، لا سيما فيما يتعلق بتأمين الأمن المائي وضمان الاستخدام العادل لمياه النيل وفق القانون الدولي واتفاقية عام 1959 الموقعة بين مصر والسودان.

 

تصريحات إثيوبيا: طموحات اقتصادية وسياسية

رغم التحذيرات المصرية والسودانية، أكد رئيس وزراء إثيوبيا أن السد سيوفر مليار دولار سنوياً من الإيرادات، والتي سيتم استثمارها في مشاريع أخرى خلال السنوات المقبلة، موضحاً أن إثيوبيا تخطط لبناء مشاريع مماثلة لسد النهضة على مدى السنوات الخمس عشرة القادمة، لتعزيز إنتاج الكهرباء وتلبية احتياجات التنمية الاقتصادية في البلاد.

ويعتبر السد الإثيوبي، الذي بدأ العمل فيه عام 2011، أكبر مشروع كهرومائي في إفريقيا، بارتفاع 145 متراً وعرض 1.8 كيلومتر، وسعة تخزينية تصل إلى 74 مليار متر مكعب من المياه، ويولد أكثر من 5000 ميغاوات من الكهرباء، أي ضعف الإنتاج الحالي لإثيوبيا، وهو ما يعكس أهمية المشروع الاستراتيجية بالنسبة لأديس أبابا.

 

فشل المفاوضات السابقة

لم تسفر المفاوضات السابقة حول سد النهضة عن أي نتائج، إذ انتهى الاجتماع الرابع والأخير في 2023 بالفشل، نتيجة المواقف الإثيوبية الرافضة لأي حلول فنية أو قانونية وسطية تضمن حقوق الدول الثلاث. ورأت القاهرة أن استمرار هذه المواقف يهدد الأمن المائي لمصر والسودان، ويجعل أي خطوات أحادية الجانب من إثيوبيا غير مقبولة دولياً.

 

خطوات مستقبلية لمصر والسودان

أكدت مصر والسودان أن التنسيق المشترك والمراقبة اليومية لهيدرولوجيا النهر وإدارة السدود هو السبيل لضمان الأمن المائي، وأن أي تجاهل للقوانين الدولية أو الخطوات الأحادية من إثيوبيا قد يفاقم التوترات، ويهدد الاستقرار في حوض النيل. كما شددا على أن الحلول المستقبلية يجب أن تراعي مبادئ التعاون، والمصالح المشتركة، والمساواة في الحقوق بين دول الحوض، بما يحفظ الأمن المائي ويضمن استدامة الموارد للأجيال القادمة.

 

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 6