تستعد الحكومة اللبنانية لعقد سلسلة من الاجتماعات الرسمية مع وفد سوري، ابتداءً من الأسبوع الأول من أيلول، في خطوة تهدف إلى معالجة ملفات شائكة تجمع بين الجانبين. وتحظى هذه اللقاءات بأهمية خاصة، نظرًا لتشابك القضايا الأمنية والحدودية والاقتصادية بين البلدين.
وتتركز المحادثات المرتقبة على عدة محاور رئيسية، أبرزها موضوع النازحين السوريين في لبنان، وتعزيز التنسيق بين الأجهزة الأمنية، إلى جانب ملف ترسيم الحدود وضبطها. وأكدت مصادر مطلعة أن هناك توافقًا أوليًا بين بيروت ودمشق على ضرورة التنسيق المشترك لضبط الحدود، بما يسهّل عمل الأجهزة المعنية ويعزز الاستقرار في المناطق الحدودية الحساسة.
كما تتضمن الاجتماعات مناقشة الجوانب الاقتصادية، بما فيها سبل تطوير العلاقات التجارية والاستثمارية بين البلدين. وتشير المصادر إلى أن مشاركة ممثلين عن وزارات الخارجية والداخلية والدفاع والعدل، بالإضافة إلى الأجهزة الأمنية، ستساهم في معالجة الملفات بشكل شامل ومتعدد المستويات. وتكشف بعض المصادر عن إمكانية مشاركة سعودية في هذه اللقاءات، بما يعكس اهتمامًا إقليميًا بتسريع التعاون بين لبنان وسوريا.
وفيما يخص الجانب السياسي، أكدت المصادر أن دمشق تنظر إلى العلاقة مع لبنان باعتبارها بين دولتين متساويتين، داعيةً إلى تجاوز الجراح السابقة المرتبطة بالنظام السوري السابق وتعاملاته السابقة مع بيروت. ويشير هذا التوجه إلى رغبة سورية في بناء مسار جديد قائم على الشفافية والاحترام المتبادل، بعيدًا عن التجارب السابقة التي أثرت على العلاقات الثنائية.
وتأتي هذه الاجتماعات في وقت تشهد فيه المنطقة ضغوطًا أمنية متعددة، تجعل من التنسيق المشترك ضرورة لا غنى عنها، خصوصًا في ما يتعلق بمراقبة الحدود ومنع التهريب وحركة الجماعات المسلحة. وتشير مصادر متابعة إلى أن بعض اللقاءات ستُعقد بشكل سري لضمان فعالية النقاشات، في حين ستُعلن الأخرى، بما يتيح للرأي العام متابعة نتائجها بشكل مدروس.
ويرى محللون أن هذه اللقاءات تمثل خطوة مهمة لإعادة إحياء آليات التعاون بين لبنان وسوريا، ليس فقط على المستوى الأمني والحدودي، بل أيضًا الاقتصادي والسياسي. ومن المتوقع أن تعكس الاجتماعات جدية الطرفين في دفع مسار التنسيق قدمًا، وأن تؤسس لمرحلة جديدة من العلاقات المبنية على الثقة والالتزام المتبادل.
كما أن هذه التحركات تأتي في سياق جهود لبنانية لدعم الاستقرار الداخلي من خلال معالجة الملفات الحدودية والأمنية بحزم، بالتوازي مع التعاون مع الجانب السوري لتسهيل عودة النازحين بشكل آمن ومنظم، بما يخفف من الضغط على البنية التحتية اللبنانية والمجتمع المحلي.
وفي ضوء كل ما سبق، يُتوقع أن تُعقد الاجتماعات على نحو مكثف ومتواصل خلال الشهر المقبل، مع التركيز على تحقيق تقدم ملموس في الملفات الأمنية والاقتصادية والسياسية، بما يعزز الاستقرار في لبنان والمنطقة ككل.