اعتداء إسرائيل على اليونيفيل يضع لبنان أمام اختبار أمني جديد

جوسلين معوض

2025.09.04 - 08:48
Facebook Share
طباعة

 شهد جنوب لبنان أحد أسوأ الاعتداءات الإسرائيلية على قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة "اليونيفيل" منذ تجديد ولايتها، في حادثة أظهرت تصاعد التوتر على طول الخط الأزرق. وأصدرت اليونيفيل بيانًا رسميًا أوضحت فيه أن طائرات مسيّرة تابعة للجيش الإسرائيلي ألقت أربع قنابل بالقرب من عناصرها أثناء محاولتهم إزالة عوائق تعرقل الوصول إلى أحد مواقع الأمم المتحدة في المنطقة الحدودية.


وصف البيان الهجوم بأنه "من أخطر الهجمات على أفراد اليونيفيل وممتلكاتهم منذ اتفاق وقف الأعمال العدائية في نوفمبر الماضي". وأشار إلى أن إحدى القنابل سقطت على بعد عشرين مترًا فقط من القوات، بينما سقطت الثلاث الباقية على بعد حوالي مئة متر. وشوهدت الطائرات المسيّرة وهي تعود باتجاه الأراضي الإسرائيلية بعد تنفيذ الهجوم. وأكد البيان أن أي أعمال تهدد سلامة قوات اليونيفيل أو ممتلكاتها تعتبر انتهاكًا للقانون الدولي ولقرار مجلس الأمن رقم 1701، مع تحميل الجيش الإسرائيلي مسؤولية ضمان أمن القوات الأممية.


ردًا على الاعتداء، دانت وزارة الخارجية الفرنسية الحادثة، مطالبة إسرائيل بالانسحاب الكامل من الأراضي اللبنانية، وضمان سلامة أفراد اليونيفيل أثناء أداء مهامهم. وجاءت هذه الدعوات في سياق جهود المجتمع الدولي لتثبيت الهدنة وتعزيز الاستقرار على الحدود الجنوبية للبنان، وسط تصاعد التحركات العسكرية الإسرائيلية.


وفي الموازاة، أشارت مصادر نيابية لبنانية إلى أن استهداف اليونيفيل يتزامن مع عمليات ميدانية أخرى، ويأتي في إطار استراتيجية مزدوجة من قبل إسرائيل. الأول، توجيه رسالة للمجتمع الدولي مفادها أن الجنوب اللبناني لم يعد ساحة آمنة حتى لقوات الأمم المتحدة. والثاني، ممارسة ضغط مباشر على الدولة اللبنانية وحزب الله عبر تكثيف الغارات والتوغلات العسكرية.


وأكدت المصادر أن هذه الرسائل تهدف إلى فرض شروط جديدة على طاولة المفاوضات المقبلة، بما يشمل ربط مستقبل وقف إطلاق النار بمسألة سلاح حزب الله ومدى استمرار وجود اليونيفيل في جنوب لبنان. وتعد هذه التحركات مؤشرًا واضحًا على رغبة إسرائيل في التأثير على التوازن الأمني والسياسي في المنطقة الحدودية، مع إبراز قدرتها على استهداف المواقع الدولية في حال عدم الامتثال لمطالبها.


على صعيد الخسائر، سقط يوم أمس خمسة شهداء وأصيب عشرة آخرون جراء الاستهدافات الإسرائيلية المتكررة باستخدام الطائرات المسيّرة على عدد من القرى جنوب لبنان. وشهدت المنطقة تحليقًا متواصلًا للطيران المسيّر والحربي الإسرائيلي فوق بيروت وضواحيها الجنوبية، في خطوة اعتبرت تهديدًا مباشرًا للأمن المدني وخرقًا واضحًا للهدنة القائمة.


هذا الاعتداء يُعد اختبارًا جديدًا لقدرة قوات الأمم المتحدة على تأمين مواقعها ضمن بيئة متوترة ومعقدة، إذ يضع لبنان أمام تحديات مزدوجة: حماية قوات حفظ السلام وضمان التوازن الأمني، ومواجهة التهديدات الإسرائيلية التي تتوسع لتشمل مناطق حساسة حيوية للمجتمع اللبناني.


ويرى مراقبون أن استمرار هذه الاعتداءات يعكس تصاعدًا واضحًا في سياسة الضغوط الإسرائيلية على لبنان، لا سيما في ظلّ انسداد قنوات التفاوض المباشرة بشأن الملف الأمني مع حزب الله. ويضيف المراقبون أن أي تصعيد إضافي قد يؤدي إلى مزيد من الخسائر البشرية والمادية، ويهدد بشكل مباشر الاستقرار في الجنوب اللبناني وفعالية اليونيفيل في أداء مهامها الإنسانية والعسكرية.


وفي هذا السياق، يبقى الرهان على قدرة المجتمع الدولي، ومجلس الأمن خصوصًا، على اتخاذ خطوات عملية لضمان احترام اتفاق وقف الأعمال العدائية، وحماية قوات حفظ السلام، مع استمرار الضغط على إسرائيل لضبط ممارساتها العسكرية، وتأمين بيئة آمنة للعمل الأممي في لبنان.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 3