تترقّب الأوساط السياسية والشعبية في لبنان الجلسة الحكومية المنتظرة يوم الجمعة في قصر بعبدا، حيث يُنتظر أن يُعرض خلالها ملف حسّاس يتمثّل في خطّة الجيش المتعلقة بحصرية السلاح. وتكتسب هذه الجلسة أهمية خاصة نظراً إلى ما يرافقها من تجاذبات سياسية، ورسائل داخلية وخارجية، فضلاً عن انعكاساتها المباشرة على مسار العمل الحكومي والمرحلة المقبلة.
مواقف متباينة وانتظارات حذرة
المعطيات الأولية تشير إلى أنّ قيادة الجيش أعدّت خطة شاملة لحصرية السلاح بيد الدولة، وفق جدول زمني تحدده المؤسسة العسكرية نفسها بعد مصادقة مجلس الوزراء. وتوضح مصادر مطّلعة أنّ الخطة تراعي القرار الحكومي السابق، الصادر مطلع آب، والمتعلق بحصرية السلاح، مع ترك تفاصيل التنفيذ وآلياته للجيش.
في المقابل، يسود الحذر في أوساط القوى السياسية المختلفة حيال كيفية إدراج هذا الملف على جدول الأعمال. فهناك خشية من أن يؤدّي طرح الخطة مباشرة إلى سجال سياسي داخل الجلسة، أو إلى مواقف متشددة من بعض القوى المشاركة في الحكومة. وتؤكد مصادر متابعة أنّ الوزراء الممثلين للثنائي الشيعي يرفضون مناقشة أي بنود تنفيذية مرتبطة بقرار يعتبرونه غير توافقي، في حين يعوّل آخرون على إيجاد تسوية تتيح استمرار العمل الحكومي وتجنّب المأزق.
دور رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة
رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام أجريا خلال الأيام الماضية سلسلة مشاورات مع مختلف الأطراف، في محاولة لتخفيف التوتر وتوفير أجواء ملائمة لعقد الجلسة. وتشير المعلومات إلى أنّ الاتصالات شملت وساطات داخلية قام بها نائب رئيس مجلس النواب إلياس بو صعب، إلى جانب تواصل غير مباشر مع قوى سياسية بارزة.
غير أنّ هذه المساعي لم تُفضِ بعد إلى صيغة نهائية تُرضي جميع الأطراف، ما يجعل الجلسة المرتقبة محط أنظار محلية وإقليمية، خصوصاً أنّها تأتي في ظل متابعة دقيقة من قبل الموفدين الأميركيين والفرنسيين، الذين ينشطون في بيروت لبحث الملفات السياسية والأمنية.
مخاوف من التصعيد
القلق الأساسي يتمثل في احتمال اتساع الخلافات السياسية إذا تمسّكت بعض القوى بطرح الخطة بصيغتها الحالية. فمصادر سياسية حذّرت من أن يؤدي أي تصويت أو إقرار للخطة التنفيذية إلى تعميق الانقسام الداخلي، أو حتى إلى مقاطعة وزراء أساسيين للجلسة. وفي هذه الحال، قد تواجه الحكومة أزمة ميثاقية تزيد المشهد تعقيداً.
من جهة أخرى، ترى أوساط سياسية أنّ تزامن النقاش مع استمرار الاعتداءات والانتهاكات الإسرائيلية في الجنوب يضيف بعداً حساساً إلى الملف، ويجعل أي خطوة حكومية عرضة للتأويل أو الاستثمار السياسي.
احتمالات سير الجلسة
بحسب الترتيبات المبدئية، من المتوقع أن يفتتح الرئيس عون الجلسة بكلمة، يليها عرض قائد الجيش العماد رودولف هيكل للخطة التقنية العسكرية. ثم يُفتح باب النقاش أمام الوزراء، على أن يصدر في ختام الجلسة بيان رسمي يوضح موقف الحكومة.
وتشير مصادر وزارية إلى أنّ هناك خيارين مطروحين: إما أن يكتفي المجلس بأخذ العلم بالخطة من دون الدخول في تفاصيلها التنفيذية، أو أن يتم تأجيل النقاش المتعلق بها مقابل متابعة بنود أخرى أُدرجت على جدول الأعمال، من بينها ملفات مالية وبيئية وعسكرية عاجلة.
محاولات احتواء
في الساعات الأخيرة، سُجّل تواصل إضافي بين الرئاسة والحكومة لتوسيع جدول الأعمال عبر إدراج أربعة بنود جديدة، بينها دفع المنحة المالية للعسكريين، ومتابعة ملف المواد الكيميائية في منشآت النفط، إضافة إلى اتفاقيات متعلقة بالطاقة. هذه الإضافات وُصفت بأنها محاولة لتخفيف الضغط عن ملف السلاح وتوفير أرضية أوسع للجلسة.
السيناريوهات المحتملة
مع اقتراب موعد الجلسة، تبقى السيناريوهات مفتوحة على أكثر من احتمال. فإما أن تنجح الحكومة في تمرير الجلسة بهدوء نسبي عبر اعتماد صيغة وسطية تؤجّل الخلاف حول الخطة، وإما أن يبرز موقف حاد يؤدي إلى انسحاب أو مقاطعة بعض القوى، وهو ما قد ينعكس مباشرة على مسار الحكومة برمّتها.
في كل الأحوال، يبقى ملف السلاح أحد أكثر الملفات حساسية في المشهد اللبناني، ويصعب حسمه من خلال جلسة واحدة أو قرار سريع. ما يجعل الأنظار تتجه إلى ما بعد يوم الجمعة، حيث سيُظهر مسار الأحداث مدى قدرة الأطراف السياسية على احتواء الخلافات، أو الانزلاق نحو أزمة جديدة.