يشهد حي السومرية غرب العاصمة دمشق منذ أيام حالة من التوتر المتصاعد، على خلفية سلسلة حوادث اقتحام وعمليات "تعفيش" طالت منازل عدد من الأهالي، وسط تهديدات بالإخلاء القسري طالت بالدرجة الأولى العائلات العلوية المقيمة هناك. وترافقت تلك الأحداث مع اتهامات بوجود تواطؤ إداري وتقصير رسمي في معالجة الأزمة، ما ضاعف من مخاوف السكان وترك الحي في دائرة القلق.
اقتحامات وتعفيش وتهديدات علنية
وفق روايات الأهالي، داهمت مجموعة مسلحة يقودها شخص يدعى "أبو حذيفة" عدداً من منازل الحي، ونفذت عمليات سرقة وعبث بالممتلكات، رافقها إطلاق عبارات مسيئة ضد من يرفض الخضوع لتعليمات الفصيل. بعض السكان أكدوا أنهم تلقوا تهديدات مباشرة بضرورة إخلاء منازلهم خلال مهلة قصيرة، وإلا فإن مصيرهم سيكون التصفية أو الاعتقال.
كما تداولت الأوساط المحلية أن المحامي علي بركات، الذي تحدث علناً عبر إحدى القنوات الرسمية عن تلك الانتهاكات، تلقى تهديداً مباشراً بالقتل من قبل المجموعة ذاتها، ما أثار ردود فعل غاضبة في محيطه الاجتماعي.
محاولات لاحتواء التوتر
في المقابل، سعت جهات رسمية عبر "لجان السلم الأهلي" إلى تهدئة الموقف. فقد أُبلغ مختار الحي بضرورة طمأنة الرأي العام من خلال تسجيل مصور يعلن فيه أن الأوضاع "مستقرة وآمنة". كما أكدت الجهات المعنية أن ما جرى كان بسبب "عناصر غير منضبطة"، وأن المشكلة تمّت معالجتها بالتنسيق مع لجنة الحي وعدد من الوزارات.
غير أن بعض الوقائع على الأرض أظهرت تعثراً في التنفيذ. إذ إن عدداً من العناصر المسلحين واصلوا تواجدهم داخل الحي، ورفضوا الانصياع للتعليمات الرسمية، ما جعل كثيراً من العائلات مترددة في العودة إلى منازلها رغم الدعوات الحكومية بذلك.
بين الرواية الرسمية وواقع الأهالي
السلطات شددت على أن الأهالي مدعوون للبقاء في منازلهم، وأن المغادرين يمكنهم العودة بأمان، غير أن السكان أبدوا تحفظات حيال هذه التطمينات. فوفق شهادات متقاطعة، ما زالت بعض المظاهر المسلحة قائمة في الحي، وما زالت آثار التهديد حاضرة في الذاكرة القريبة. الأمر الذي يعزز القناعة بأن الإجراءات المتخذة غير كافية لضمان الاستقرار الفعلي.
انعكاسات أوسع
الأحداث في السومرية تبدو جزءاً من مشهد أكبر تعيشه العاصمة وريفها، حيث تتكرر مظاهر التوتر الأهلي والتجاوزات الأمنية في عدد من الأحياء. ويشير مراقبون إلى أن عدم الحسم مع المجموعات "غير المنضبطة" يضعف ثقة المواطنين بالإجراءات الحكومية، ويترك المجال مفتوحاً أمام عودة الفوضى في أي لحظة.
ويحذر آخرون من أن استمرار هذه الممارسات قد يؤدي إلى موجات نزوح جديدة، ويعمّق الانقسامات داخل النسيج الاجتماعي، خصوصاً إذا لم تقرن التطمينات الرسمية بإجراءات عملية واضحة وحاسمة على الأرض.