هل يشكل بيان المطارنة الموارنة خارطة طريق للمرحلة المقبلة؟

متابعات _ وكالة أنباء آسيا

2025.09.03 - 04:19
Facebook Share
طباعة

أصدر المطارنة الموارنة، بعد اجتماعهم الشهري برئاسة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، بيانًا تناول مجموعة من القضايا الوطنية، في مقدمها مسألة السيادة على كامل الأراضي اللبنانية، ودور المؤسسات الرسمية، إلى جانب الموقف من تمديد مهمة قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان "اليونيفيل"، والعلاقة مع دمشق في ملفات الحدود والمعتقلين اللبنانيين.
البيان جاء في توقيت يتسم بظروف داخلية وإقليمية معقدة، ما أضفى عليه طابعاً يتجاوز البعد الكنسي ليأخذ أبعادًا سياسية ووطنية.

الظروف الداخلية والإقليمية:

يتزامن البيان مع استمرار الحرب في غزة وتداعياتها على الوضع في الجنوب اللبناني، ومع أزمة سياسية داخلية أبرزها استمرار الشغور الرئاسي وما يرافقه من تعطيل للمؤسسات. كما تأتي مواقف المطارنة في ظل نقاش متجدد حول مستقبل العلاقات اللبنانية – السورية، ودور المجتمع الدولي في الحفاظ على الاستقرار.
هذه الخلفية تفسر تركيز البيان على "الظروف المتاحة عربيًا ودوليًا" باعتبارها عنصرًا يمكن الاستفادة منه لإعادة تثبيت حضور الدولة.

السيادة على كامل الأراضي:

أكد المطارنة على ضرورة استعادة السيادة على كامل الأراضي اللبنانية، وهو مطلب متكرر في الخطاب السياسي اللبناني منذ عقود هذا البند يثير نقاشًا داخليًا مستمرًا حول مفهوم السيادة وكيفية تطبيقه: هل يقتصر على ضبط الحدود والمعابر الرسمية، أم يشمل أيضًا مسألة السلاح غير الشرعي ودور القوى غير الرسمية؟ البيان لم يدخل في تفاصيل، لكنه أشار إلى أهمية التوحد حول مؤسسات الدولة باعتبارها المرجعية الجامعة.

تمديد مهمة اليونيفيل:

الترحيب بقرار التمديد لقوة "اليونيفيل" في الجنوب شكّل محطة أساسية في الاجتماع وقد عبّر المطارنة عن أملهم بأن يشكل هذا التمديد الأخير،خاتمة مناسبة تتيح للبنان بسط سلطته بمؤازرة جيشه وقواه الأمنية. هذا الموقف يفتح باب النقاش حول مستقبل دور القوات الدولية، بين من يرى أنها عنصر أساسي في حفظ الاستقرار على الحدود، ومن يعتبرها إجراءً مؤقتًا لا يمكن أن يستمر إلى ما لا نهاية.

دعم المؤسسة العسكرية:

خصّ المؤسسة العسكرية بتحية خاصة وتقديم التعازي بشهدائها ويأتي ذلك في سياق التأكيد على دور الجيش كركيزة للأمن الوطني.
فالجيش يواجه تحديات متزايدة مرتبطة بالأوضاع الأمنية في الجنوب والحدود الشرقية، إضافة إلى الصعوبات الاقتصادية والمالية التي انعكست على موارده وقدراته. الموقف الماروني هنا يعكس إدراكًا لحاجة المؤسسة العسكرية إلى غطاء وطني جامع.

العلاقة مع دمشق:

أثار البيان اهتمامًا خاصًا بإشارته إلى "حسن الإعداد للاتصال والتواصل بين بيروت ودمشق"، وخصوصًا في ملفات ترسيم الحدود، أمنها، ومسألة اللبنانيين في السجون السورية. هذه القضايا تمثّل منذ سنوات محور نقاش داخلي متواصل، إذ يربطها البعض بالحاجة إلى تنظيم العلاقات الثنائية على أسس واضحة، فيما يعتبرها آخرون مسألة سياسية حساسة تتجاوز البعد الثنائي لتتصل بالانقسام الإقليمي.

ردود الفعل المتوقعة:

من المرجح أن تختلف القراءات اللبنانية للبيان بحسب الاصطفافات السياسية، فالقوى التي ترفع شعار السيادة الكاملة ستجد فيه دعمًا لمواقفها، بينما ستقرأه قوى أخرى في إطار التوازن بين الحفاظ على الاستقرار وتعزيز المؤسسات. بذلك، يفتح مجالًا واسعًا للتأويل دون أن يتبنى موقفًا تفصيليًا في أي من الملفات المطروحة.

البعد العربي والدولي:

إشارة المطارنة إلى "الظروف المتاحة عربيًا ودوليًا" تعكس حضورًا لمتغيرات خارجية في مقاربة الشأن اللبناني. ففي الفترة الأخيرة ظهرت مؤشرات إلى عودة الاهتمام العربي بلبنان، إلى جانب استمرار دور القوى الدولية، ولا سيما الأمم المتحدة، في متابعة الاستحقاقات اللبنانية، الحضور الخارجي يثير دائمًا نقاشًا حول مدى قدرة لبنان على الاستفادة منه من دون المساس بقراره الداخلي.

خلفية المواقف الكنسية:

منذ سنوات، تبدي البطريركية المارونية اهتمامًا ثابتًا بالقضايا الوطنية الكبرى، وفي مقدمها مسألة الحياد ودور الدولة. البيانات الدورية للمطارنة غالبًا ما تطرح عناوين إصلاحية وسيادية، وتشكّل مادة للنقاش السياسي الداخلي.
الاجتماع الأخير لم يخرج عن هذا الإطار، لكنه يعكس في الوقت نفسه حجم القلق من استمرار الأزمات من دون حلول قريبة

تأتي قرارات المطارنة الموارنة في مرحلة حساسة، لتعيد إلى الواجهة ثلاثية أساسية: السيادة، المؤسسات، والعلاقة مع الخارج. وهو بذلك يذكّر بأن معالجة أزمات لبنان لا تنفصل عن هذه العناوين، مهما اختلفت المقاربات السياسية غير أن القيمة العملية ستظل مرتبطة بمدى تجاوب القوى الداخلية مع ما طُرح، وبقدرة الدولة على تحويل هذه المواقف إلى خطوات ملموسة تعيد الثقة بالمؤسسات وتضع البلاد على مسار أكثر استقراراً. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 1