تستعدّ الحكومة اللبنانية لمناقشة خطة الجيش لنزع السلاح، في ظل توتر داخلي متصاعد، حيث يبدو أن أي تقدم مرتبط بتوافق صعب بين الأطراف الرئيسية. تأتي الجلسة المرتقبة يوم الجمعة وسط انسداد الآفاق بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة من جهة، وثنائي حزب الله وحركة أمل من جهة أخرى، مما يزيد من صعوبة التوصل إلى حلول توافقية تحافظ على الاستقرار السياسي في البلاد.
حتى الآن، لم تسفر الاتصالات عن أي نقاط مشتركة بين الأطراف، فيما أكد رئيس مجلس النواب خطّه الأحمر بعدم السماح بأي شرخ بينه وبين حزب الله أو حركة أمل، محاولًا الحفاظ على صورة الوحدة في المشهد السياسي. ووفق المعطيات الحالية، يبدو أن وزراء الثنائي لن يشاركوا في جلسة الحكومة إذا كان جدول الأعمال محصورًا بخطة الجيش، مؤكدين على رفض أي محاولات لجرّهم إلى نقاشات قد تُستغل سياسياً.
المصادر السياسية تشير إلى أن الثنائي لا يرغب في النقاش حول خطة نزع السلاح، خصوصًا في ظل الشروط الإسرائيلية المرتفعة والتي تشترط نزع سلاح حزب الله كشرط مسبق لأي انسحاب أو تهدئة، دون تقديم ضمانات واضحة. وبناء على ذلك، فإن أي خطوات تنفيذية قد تُعتبر مسارًا مختلفًا تمامًا عن الوضع الحالي، مع احتمالية عالية لاندلاع أزمات سياسية جديدة.
في هذا الإطار، يترقّب الوسط السياسي اللبناني تفاعلات الحكومة مع خطة الجيش، فإما أن تواصل تجاهل فريق أساسي في القرار وتمضي في تنفيذ الضغوط الخارجية، أو تحاول إيجاد توازن بين ما تطالب به الولايات المتحدة والسعودية وما تفرضه المصلحة الوطنية اللبنانية. وفي كلا الحالتين، يظل تركيز المراقبين على ردّ فعل الثنائي وقدرته على ممارسة ضغوط للالتفاف على أي خطوات غير محسوبة.
في الوقت نفسه، تتواصل الزيارات الدبلوماسية لضمان استمرار الضغط على لبنان، مع تأكيدات على زيارة نائبة المبعوث الأميركي إلى بيروت قريبًا، بالإضافة إلى الموفد الفرنسي جان إيف لودريان، ضمن إطار مساعي تعزيز تنفيذ الأجندة الدولية المتعلقة بنزع السلاح.
تقول التقديرات إن الجدول الزمني اللبناني مرن للغاية، فقد كان من المقرر مناقشة خطة الجيش في وقت سابق، لكن التأجيل جاء نتيجة الحاجة إلى تفاهمات ومساومات بين الأطراف المختلفة. أما المهلة الأهم فهي المتعلقة ببدء تنفيذ الخطة واستكمال المشروع، الذي يُوصف بأنه الأهم منذ نهاية الحرب الأهلية، مع إلزام الجيش بتقديم خطته قبل نهاية آب لعرضها أمام الحكومة والمبعوث الأميركي، فضلاً عن الحصول على موافقة إسرائيلية غير رسمية.
ومع ذلك، يبقى الغموض سيد الموقف، حيث لم يتضح بعد الشكل النهائي للخطة أو مدى قبول جميع الأطراف بها، بما في ذلك الثنائي الذي يمتلك قدرة كبيرة على عرقلة أي إجراءات تُتخذ دون التوافق معه. ويؤكد المراقبون أن حرية إسرائيل في العمل العسكري والجوّي داخل الأراضي اللبنانية، إلى جانب السيطرة على مواقع محددة، تُشكل ورقة ضغط رئيسية في المفاوضات، وقد تتحول إلى عقبة أمام أي تنفيذ سريع لخطة الجيش.
تحليل الوضع يشير إلى أن أي خطوة منفردة قد تؤدي إلى مزيد من الاحتقان الداخلي، في وقت تحتاج فيه البلاد إلى توازن دقيق بين التزاماتها الدولية ومصالحها الوطنية. بينما تبقى الخطوة المقبلة للحكومة اللبنانية مفتاحًا لتحديد مدى قدرتها على تحقيق استقرار سياسي وأمني في بلد ما يزال يعيش تحت ضغط خارجي متزايد وتحديات داخلية عميقة.
في المجمل، تبدو خطة الجيش اللبناني لنزع السلاح اختبارًا حقيقيًا للقدرة على التوازن بين الضغوط الدولية ومطالب الأطراف المحلية، وسط سيناريوهات متعددة قد تحدد مستقبل الاستقرار في لبنان في الأشهر المقبلة.