أثارت تصريحات رئيس حزب الحركة القومية التركي، دولت بهتشلي، حول إمكانية تدخل عسكري تركي مشترك مع دمشق ضد قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، جدلاً في المنطقة. وأشار بهتشلي إلى أن عدم التزام "قسد" بمذكرة التفاهم الموقعة مع الحكومة السورية في 10 من آذار/مارس 2025 قد يجعل التدخل العسكري "أمراً لا مفر منه".
بهتشلي وصف الاقتراح الفيدرالي المقدم من بعض الأطراف السورية بأنه خطوة قد تؤدي إلى تقسيم البلاد، محذراً من أن التحالف بين الولايات المتحدة وإسرائيل قد يفاقم الانقسامات الداخلية ويزيد من احتمالات الصراع الأهلي في شمال وشرق سوريا. كما أكد أن الوضع الأمني في المنطقة يمثل تحدياً ليس فقط لسوريا، بل لتركيا أيضاً.
من جانبها، أعربت قيادة الحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا عن رفضها للتهديدات التركية، معتبرة أن هذه التصريحات تعرقل جهود الحل السلمي وتزيد من تعقيد المفاوضات الجارية بين دمشق والإدارة الذاتية. وأكد الحزب أن التهديدات العسكرية تأتي في وقت تتطلب فيه المنطقة تعزيز الاستقرار وإرساء الحلول السياسية بعيداً عن التصعيد، ودعا الأطراف الدولية والإقليمية للاضطلاع بمسؤولياتها لضمان حماية الأمن والاستقرار.
على صعيد آخر، تتواصل المباحثات بين مسؤولين أميركيين وقادة "قسد" حول آليات تنفيذ اتفاق 10 آذار، بما يشمل الاندماج مع الحكومة السورية ضمن إطار نظام لامركزي. وشارك في اللقاء ممثلون عن الولايات المتحدة، من بينهم أعضاء في مجلسي الشيوخ والكونغرس، إلى جانب قيادات الإدارة الذاتية السورية. وناقش المجتمعون العقبات التي تواجه تطبيق الاتفاق وآليات التعامل معها، مع التركيز على الحاجة لتقريب وجهات النظر بين دمشق والإدارة الذاتية لضمان استمرار العملية السلمية.
كما أشار ممثلون عن الإدارة الذاتية إلى استمرار الجهود لعقد جولات جديدة من الحوار مع الحكومة السورية، رغم توقف المفاوضات حالياً نتيجة خلافات حول ترتيبات المؤسسات المدنية والأمنية. وبينوا أن المفاوضات تهدف إلى إيجاد إطار ينظم العلاقة بين السلطات المحلية والحكومة المركزية، مع الحفاظ على استقرار مناطق الإدارة الذاتية.
المنطقة تواجه مزيجاً من الضغوط الداخلية والخارجية: من جهة، هناك الالتزامات التي تعقدتها التوترات العسكرية والسياسية، ومن جهة أخرى، هناك محاولات لإعادة صياغة العلاقة بين دمشق والإدارة الذاتية ضمن نظام لامركزي يمكن أن يخفف من حدة الصراعات المستقبلية.
وبينما تحذر تركيا من ما تعتبره انتهاكات للاتفاقيات، تؤكد الإدارة الذاتية على أهمية الحوار والتفاهم لضمان الاستقرار، ما يجعل أي خطوة عسكرية محتملة عرضة لتعقيدات سياسية كبيرة قد تؤثر على مجمل العملية السياسية في سوريا.
تظل المعضلة قائمة حول كيفية تحقيق التوازن بين التزام الأطراف بالاتفاقيات الموقعة، وضمان سيادة الدولة السورية، وتجنب أي تصعيد عسكري يهدد الاستقرار في المناطق المتأثرة بالنزاع، بينما تواصل الأطراف الدولية متابعة التطورات عن كثب في إطار جهودها لدعم الحلول السياسية السلمية.