بين محاولات الهروب والواقع القاسي.. مخيم الهول قنبلة موقوتة

2025.09.03 - 11:12
Facebook Share
طباعة

 شهد مخيم الهول في شمال شرق سوريا محاولة جديدة للهروب، حيث جرى إحباط محاولة فرار نحو 60 شخصًا بينهم نساء وأطفال، كانوا يستعدون لمغادرة المخيم عبر سيارات مجهّزة لنقلهم. هذه الحادثة ليست الأولى، بل تأتي ضمن سلسلة محاولات مشابهة تعكس عمق الأزمة التي يختزنها هذا المخيم منذ سنوات، والذي بات يوصف بالقنبلة الموقوتة في وجه الاستقرار المحلي والإقليمي.


ظروف معيشية مأساوية
يضم مخيم الهول أكثر من خمسين ألف شخص من عائلات مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية"، غالبيتهم من النساء والأطفال. يعيش هؤلاء في ظروف إنسانية بالغة السوء، مع نقص حاد في الخدمات الصحية والتعليمية، وانتشار الأمراض المعدية، إلى جانب محدودية المساعدات الغذائية، الأمر الذي يجعل الحياة اليومية داخل المخيم أقرب إلى مأساة مستمرة.


هذا الواقع الصعب يُعتبر أحد أهم أسباب محاولات الهروب المتكررة، فالكثير من القاطنين يرون أن بقاءهم في المخيم يعني الموت البطيء، سواء من الجوع أو المرض أو من غياب الأمل بمستقبل واضح.


أسباب الهروب
إلى جانب الظروف القاسية، ثمة عوامل أخرى تدفع البعض إلى محاولة الفرار:
الخوف من الانتقام أو الاستهداف: بعض النساء والأطفال يخشون من ارتباطهم السابق بالتنظيم، ويعتقدون أن بقاءهم داخل المخيم سيجعلهم عرضة للملاحقة أو العقاب.
الأمل بالعودة إلى أوطانهم: العديد من العائلات الأجنبية تسعى للهرب أملاً في إيجاد طريق يعيدهم إلى بلدانهم الأصلية، في ظل غياب خطوات واضحة من حكوماتهم لإجلائهم.
نشاط خلايا التنظيم: ما زالت بعض خلايا التنظيم نشطة داخل المخيم، وتعمل على توفير التمويل والتهريب لمناصريها، في محاولة لإعادة تجميع صفوفها عبر شبكات سرية.


المخيم كأرض خصبة للتطرف
أخطر ما في المخيم أنه تحوّل إلى بيئة خصبة لانتشار الفكر المتطرف. فالأطفال يكبرون وسط أمهات يحملن خطابًا متشددًا، من دون مدارس حقيقية أو برامج إعادة تأهيل، ما يعني أن جيلًا جديدًا مهدد بأن يُعاد تشكيله على فكر التنظيم. وهذا الخطر لا يهدد سوريا وحدها، بل يمتد إلى المنطقة والعالم، لأن هؤلاء الأطفال قد يتحولون في المستقبل إلى "قنابل بشرية" إذا تُركوا من دون حلول.


مسؤولية المجتمع الدولي
منذ سنوات، تناشد الإدارة المحلية والمنظمات الحقوقية الدول المعنية باستعادة رعاياها من المخيم، لكن الاستجابة كانت محدودة للغاية. كثير من الدول ترفض استقبال عائلات مقاتلي التنظيم، متذرعة بمخاطر أمنية أو رفض شعبي، ما يترك هؤلاء عالقين في وضع قانوني وإنساني معقد.


ومع كل محاولة هروب جديدة، يتضح أن إبقاء المخيم على حاله لم يعد ممكنًا، وأن استمرار الوضع الحالي يزيد من احتمالات انفجار أزمة أكبر، سواء بعمليات هروب جماعية أو عبر تحوّل المخيم إلى "مدرسة للتطرف".


ضرورة إيجاد حل عاجل
الحل لا يكمن في الإبقاء على عشرات الآلاف خلف الأسلاك الشائكة، بل في وضع خطة متكاملة تشمل:
- إعادة رعايا الدول إلى أوطانهم مع برامج تأهيل ودمج مجتمعي.
- تعزيز الخدمات الإنسانية داخل المخيم، من صحة وتعليم وغذاء، لتخفيف أسباب الاحتقان.
- تفكيك الشبكات المتشددة التي تعمل سرًا على تمويل عمليات الهروب وغسل العقول.


إن مأساة مخيم الهول ليست مجرد قضية محلية سورية، بل قضية دولية بامتياز. فترك آلاف النساء والأطفال في ظروف غير إنسانية، ومن دون معالجة جذرية، لن يؤدي إلا إلى إعادة إنتاج العنف والتطرف، وتهديد الأمن الإقليمي والعالمي من جديد.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 2