مؤتمر "سكريبت".. بين التلميع والجدل الشعبي
رزان الحاج
شهدت مدينة حلب انعقاد مؤتمر "سكريبت" لصنّاع المحتوى، بمشاركة نحو 380 مؤثراً من داخل البلاد وخارجها، وذلك تحت رعاية حكومية مباشرة. وقد حظي الحدث بتغطية واسعة، سواء من وسائل الإعلام الرسمية أو عبر منصات التواصل الاجتماعي، غير أنّه أثار في الوقت نفسه موجة من النقاشات والانتقادات بين شرائح مختلفة من المواطنين والناشطين.
المؤتمر رُوّج له باعتباره منصة لدعم الطاقات الرقمية وتسخيرها في خدمة مسار إعادة الإعمار وإبراز صورة جديدة عن سوريا. وقد تضمن جلسات حوارية وورش عمل حول مستقبل الإعلام الرقمي، إضافة إلى عروض تقديمية لمبادرات تهدف إلى استخدام المنصات الاجتماعية في الترويج للهوية المحلية وتوثيق الحياة اليومية.
لكن في المقابل، برزت أصوات رأت في الحدث محاولة لتلميع صورة السلطة، مشيرة إلى أنّ عدداً من المشاركين سبق أن ارتبطت أسماؤهم بأنشطة إعلامية أثارت جدلاً في السنوات الماضية. هذه الانتقادات ركزت على ما اعتبرته "تجاهلاً" لتضحيات واسعة قدّمها ناشطون وصنّاع محتوى مستقلون وثّقوا بالصوت والصورة معاناة المدنيين خلال سنوات النزاع.
الجدل لم يقتصر على الطابع السياسي، بل امتد أيضاً إلى الشارع المحلي في حلب. بعض الحاضرين رحّبوا بالفكرة معتبرين أنّها تتيح مساحة للشباب الموهوبين للتواصل مع جمهور أكبر، وتفتح آفاقاً أمام مشاريع اقتصادية وثقافية جديدة. في حين اعتبر آخرون أنّ الاهتمام بالمؤثرين في هذه المرحلة يجب أن يرافقه دعم حقيقي للمبادرات الميدانية التي تخدم المواطنين بشكل مباشر، مثل تحسين الخدمات والبنى التحتية.
وتذهب تحليلات مراقبين إلى أنّ مثل هذه المؤتمرات تعكس محاولة للاستفادة من الحضور المتزايد للإعلام الرقمي في حياة السوريين، لكن فعاليتها ستبقى رهناً بمدى قدرتها على إشراك جميع الأطراف وتقديم صورة متوازنة عن الواقع. كما أن تعزيز الثقة بين الجمهور والمؤثرين يتطلب خطاباً شفافاً، بعيداً عن الاتهامات المتبادلة، مع التركيز على الأبعاد الإنسانية والثقافية والاجتماعية.
وبينما يستمر السجال، يبقى المؤتمر علامة على تحولات جديدة في العلاقة بين الحكومة والإعلام الرقمي، وسط تساؤلات حول ما إذا كان هذا المسار سيسهم في تعزيز المشاركة المجتمعية وفتح آفاق للحوار، أم أنه سيظل محصوراً في إطار رسمي يثير مزيداً من الانقسام.
