في خطوة أثارت جدلاً دبلوماسياً واسعاً، اعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قرار الولايات المتحدة بمنع منح تأشيرات لمسؤولين فلسطينيين لحضور الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك "غير مقبول"، داعياً إلى التراجع عنه لضمان تمثيل فلسطيني كامل وفق قواعد الدولة المضيفة. وكانت فرنسا تعتزم استضافة مؤتمر فرنسي-سعودي في 22 سبتمبر بمشاركة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في محاولة لتعزيز جهود حل الدولتين وفتح قنوات دبلوماسية لإعادة بناء الثقة بين الأطراف.
يأتي القرار الأمريكي في وقت حساس، حيث تخطط فرنسا للاعتراف بالدولة الفلسطينية خلال الجمعية العامة، في خطوة تتماشى مع موقفها الثابت في دعم حل الدولتين. من جانبها، أكدت وزارة الخارجية الأمريكية أن منع منح التأشيرات يهدف إلى تحميل السلطة الفلسطينية المسؤولية عن عدم الوفاء بالتزاماتها وتقويض آفاق السلام. ويظهر هذا القرار كأداة ضغط على الفلسطينيين لإجبارهم على الالتزام بتفاهمات سابقة، في ظل استمرار الأزمة الإنسانية في غزة وتصاعد النزاع مع إسرائيل.
أثارت الخطوة الأمريكية توتراً في العلاقات بين فرنسا والولايات المتحدة، حيث استدعت باريس السفير الأمريكي للاحتجاج على تصريحات لاذعة صدرت عن مسؤولين أمريكيين بشأن موقف ماكرون من مكافحة معاداة السامية، وهو ما يوضح حجم التباين الاستراتيجي بين باريس وواشنطن في إدارة الملف الفلسطيني. وفي الوقت نفسه، حذر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من أن الاعتراف الفرنسي بالدولة الفلسطينية قد يعزز معاداة السامية ويقوي موقف حركة حماس، ما يزيد من تعقيد المشهد السياسي الداخلي والخارجي للفلسطينيين.
يؤثر القرار الأمريكي بشكل مباشر على قدرة السلطة الفلسطينية على ممارسة نفوذها السياسي والدبلوماسي، خاصة في المحافل الدولية، ويزيد من الضغوط الداخلية والخارجية على الرئيس محمود عباس لإيجاد مخرج سياسي واقعي في ظل هشاشة الوضع في غزة والضغوط على الإدارة الفلسطينية. كما يعكس القرار الأمريكي تبايناً واضحاً بين رؤى القوى الدولية الكبرى بشأن إدارة النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي، إذ تسعى باريس لضمان حضور فلسطيني فعال والدفع بمسار حل الدولتين، بينما تعتمد واشنطن على سياسة الضغط كأداة لفرض التزامات محددة على الفلسطينيين.
يبقى القرار الأمريكي بمنع منح التأشيرات لمسؤولين فلسطينيين نقطة مفصلية في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، تعكس التوتر بين المسار الدبلوماسي الفرنسي والضغوط الأمريكية على السلطة الفلسطينية، وتضع العلاقات الأوروبية-الأمريكية أمام تحديات جديدة، بينما تتصاعد الحاجة لإيجاد تسوية إنسانية وسياسية عاجلة تعالج أزمة غزة وتضمن استقرار المنطقة على المدى القصير والمتوسط.