رفض جنود من قوات الاحتياط في الجيش الإسرائيلي الانصياع لقرار الحكومة القاضي بإعادة احتلال غزة بشكل دائم، معتبرين الخطوة غير قانونية وتشكل خطراً على حياة الجنود والرهائن والمدنيين.
الإعلان العلني جاء خلال مؤتمر صحفي في البيت الصهيوني الأمريكي، حيث برزت أصوات ضباط خدموا مئات الأيام في الاحتياط منذ بداية الحرب، وهم يصرون على أن الوطنية اليوم تعني الرفض لا الطاعة.
موقف الجنود يعكس أزمة ثقة متصاعدة بين القيادة السياسية والمستويات العسكرية التي أنهكتها العمليات المتواصلة منذ أكتوبر ٢٠٢٣. فالحكومة الإسرائيلية، وخصوصاً نتنياهو وحلفاؤه من أحزاب اليمين الديني، تدفع باتجاه احتلال كامل للقطاع بدعوى "الحسم الأمني". في المقابل، يصف الضباط الخطوة بالمغامرة الأيديولوجية التي تهدف إلى تثبيت بقاء حكومة تواجه فقدان الشرعية الداخلية وتراجع الدعم الشعبي وفق ما أفادت به صحيفة المعارف العبرية.
خلفية هذا الموقف ترتبط بثلاثة عوامل رئيسية. الأول يتعلق بملف الرهائن، إذ يضغط أهاليهم منذ أشهر لإبرام صفقة تبادل توقف النزيف وتعيد أقاربهم أحياء. أي عملية برية جديدة داخل غزة قد تنهي فرص الإفراج عنهم بسلام، وهو ما جعل الجنود يضعون الخطر على الرهائن في مقدمة أسباب رفضهم. العامل الثاني يرتبط بالجنود أنفسهم، حيث كشفت شهادات ضباط ومعالجين نفسيين عن موجة صدمات واسعة بين العائدين من القتال. آلاف يعانون اضطرابات ما بعد الصدمة، وأي توسع جديد قد يضاعف الأعباء النفسية على صفوف الجيش.
أما العامل الثالث فهو المأزق السياسي، إذ يرى المحتجون قيادة غير قادرة على إدارة الحرب ولا تستحق ثقة المقاتلين الذين ضحوا منذ اليوم الأول.
الجنود أوضحوا أن العملية العسكرية لن توفر الأمن، بل ستؤدي إلى نتائج عكسية: مزيد من الضحايا المدنيين في غزة، وتآكل صورة إسرائيل في العالم، وفتح الباب أمام عزلة سياسية أشد. كما لفتوا إلى أن كبار قادة المؤسسة العسكرية والأمنية، حاليين وسابقين، أبدوا تحفظًا واضحًا على فكرة الاحتلال الدائم للقطاع، معتبرين إياها خطوة بلا مكاسب استراتيجية.
المغزى الأعمق من احتجاج الاحتياط يظهر في أن القاعدة العسكرية نفسها بدأت ترى حماية الدولة من خلال عصيان أوامر القيادة السياسية.
وفي لحظة تعاني فيها إسرائيل ضغوطًا داخلية وخارجية متزايدة، يصبح صوت الجنود الرافضين مؤشراً على حدود قدرة الحكومة على مواصلة الحرب وفق أجندتها الحالية.