لماذا يعود ملف دير الزور النووي بعد 18 عاماً؟

متابعات _ وكالة أنباء آسيا

2025.09.02 - 05:22
Facebook Share
طباعة

في سبتمبر/أيلول 2007، استهدفت طائرات حربية إسرائيلية مبنىً في محافظة دير الزور شرق سوريا، ورغم أن تل أبيب لم تؤكد أو تنفِ رسمياً مسؤوليتها عن الغارة، فإن مصادر غربية ووسائل إعلام عدة ربطتها بمحاولة منع دمشق من تطوير برنامج نووي سري. في ذلك الوقت، أصرت حكومة الرئيس السوري السابق بشار الأسد، على أن المبنى لم يكن سوى "قاعدة عسكرية تقليدية". غير أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية خلصت في تقرير عام 2011 إلى أن الموقع "من المرجح جدًا" أن يكون مفاعلًا نوويًا لم يتم الإعلان عنه، ما ترك الملف مفتوحًا وظل يثير الشبهات الدولية.

تقرير سري :

بعد ثمانية عشر عاماً من القصف، عاد الملف للواجهة من جديد.
إذ كشفت وكالة رويترز عن تفاصيل تقرير سري للوكالة الدولية للطاقة الذرية، جاء فيه أن مفتشيها عثروا على "عدد كبير من جزيئات اليورانيوم الطبيعي" في أحد المواقع السورية الثلاثة التي جرى تفتيشها العام الماضي.
وأوضح التقرير التحليل أثبت أن هذه الجزيئات تعود إلى أصل بشري، أي أنها نتاج عملية معالجة كيميائية، وليست ناتجة عن تفاعل طبيعي.
وعلى الرغم من أن التقرير لم يخلص إلى استنتاج نهائي حول أهمية هذه الآثار، إلا أن وجودها أعاد الشبهات بشأن برنامج نووي سوري غير معلن.

تعاون سوري متأخر بعد تغيير السلطة:

التقرير أشار إلى تحول لافت في موقف دمشق بعد التغيير السياسي الذي شهدته البلاد.
فقد منحت الحكومة الحالية، التي يقودها أحمد الشرع، الوكالة الدولية للطاقة الذرية إمكانية الوصول المباشر إلى أحد المواقع المشتبه بها في يونيو/حزيران الماضي، وسمحت بأخذ عينات بيئية جديدة. كما جاء في التقرير أن الشرع أكد، خلال لقائه مدير الوكالة رافائيل غروسي، استعداد سوريا "للتعاون بشفافية كاملة" في معالجة أنشطة البلاد النووية السابقة، فإن هذا الموقف يفتح الباب أمام زيارات جديدة لموقع دير الزور نفسه خلال الأشهر المقبلة.

شبهات ممتدة من كوريا الشمالية إلى الشرق الأوسط:

خلفية الملف لا تنفصل عن اتهامات قديمة تشير إلى دور كوريا الشمالية في مساعدة دمشق على بناء مفاعل سري قبل 2007. تلك المزاعم شكلت مبررًا ضمنيًا لإسرائيل لتبرير غارتها، باعتبارها خطوة استباقية لمنع "انتشار السلاح النووي" في المنطقة. ومع ذلك، ظلت إسرائيل متحفظة رسميًا، لا تؤكد ولا تنفي دورها في العملية.
لكن المؤكد أن الغارة غيرت معادلة التوازنات الإقليمية، إذ بعثت برسالة إلى دول المنطقة بأن أي محاولة خفية لامتلاك قدرات نووية عسكرية ستواجه بضربة وقائية.

انعكاسات إقليمية على الملفات النووية الراهنة:

إعادة فتح الملف السوري تأتي في وقت بالغ الحساسية، حيث يسيطر التوتر على المفاوضات المتعلقة بالبرنامج النووي ، بينما تعلن دول أخرى في المنطقة مثل السعودية ومصر نيتها تطوير برامج نووية لأغراض سلمية.
وجود سابقة مثل دير الزور يعيد النقاش الدولي حول كيفية مراقبة هذه البرامج وضمان عدم انحرافها نحو الاستخدام العسكري.
إسرائيل من جهتها تبرر أن "الأمن القومي" يبرر أي عمل وقائي ضد محاولات جيرانها امتلاك قدرات نووية، وهو ما يجعل ملف سوريا مثالًا تستخدمه تل أبيب في تبرير موقفها من إيران.

السيناريوهات المقبلة بين الإغلاق والضغط الدولي:

نتائج العينات الجديدة ستخضع للتحليل خلال الأشهر المقبلة، يليها تقييم شامل قبل البت في مصير الملف. في حال تأكدت الفرضية بأن الموقع كان جزءًا من مشروع نووي غير معلن، فقد تواجه دمشق مطالب دولية بالكشف الكامل عن أنشطتها السابقة وربما ضغوطًا جديدة في مجلس الأمن.
أما إذا لم تُثبت الأدلة وجود نشاط نووي عسكري، فقد يغلق الملف رسميًا بعد عقدين من الجدل. وفي كلا السيناريوهين، فإن إعادة فتح التحقيق بعد 18 عامًا من القصف الإسرائيلي يؤكد أن "ظل دير الزور" لا يزال حاضرًا في المعادلة النووية الإقليمية. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 2