تتصاعد المخاوف في لبنان بعد قرار الحكومة بسحب أسلحة المقاومة وتسليمها للجيش، في خطوة وصفها نواب لبنانيون بأنها تمثل تهديداً مباشرًا للأمن الوطني واستقرار البلاد الداخلي. يأتي هذا القرار في وقت يعاني فيه لبنان من ضغوط سياسية واقتصادية متصاعدة، ويقف على حافة هشاشة مؤسساتية قد تجعل البلاد عرضة لأي تدخل خارجي، خصوصًا من قبل إسرائيل.
النائب حسين جشي شدد على أن القرار يشكل جزءًا من "سياق كشف لبنان أمنياً أمام العدو الصهيوني"، مؤكدًا أن الجيش اللبناني وحده غير قادر على ضمان حماية البلاد دون دعم سياسي وتعزيز قدراته العسكرية. وأشار جشي إلى أن الدولة طالبت الجيش بضمان حماية لبنان بعد وقف إطلاق النار منذ نحو تسعة أشهر، إلا أن عمليات القتل والتدمير ما تزال مستمرة، ما يعكس عجز الدولة عن فرض الأمن والاستقرار.
واعتبر جشي أن القرار يمثل "خطيئة سياسية" تكشف لبنان أولاً أمنياً، ثم عسكرياً واقتصادياً لاحقًا، وتمنح إسرائيل الفرصة للتدخل في شؤون الدولة بحجة منع إدخال السلاح للمقاومة. هذا الواقع يعكس التحديات المعقدة التي تواجه الدولة اللبنانية، حيث تتقاطع المخاطر الأمنية مع هشاشة المؤسسات وغياب القرار السياسي الصلب.
النائبة غادة أيوب أضافت أن انعقاد الجلسة الحكومية لمناقشة خطة الجيش لتطبيق قرار حصرية السلاح، يشير إلى وجود قرار رسمي نافذ يفرض على كل الأطراف الالتزام به، وأن أي تحركات من حزب الله، بدعم من الرئيس نبيه بري، تهدف فقط لتأكيد عدم وجود مهلة زمنية محددة أو الدعوة إلى الحوار، وهو ما ترفضه القوى السيادية.
وأكدت أيوب أن القوى السياسية لا تسعى للتصادم، لكنها تحذر من أن استمرار تنفيذ القرار دون توافق وطني قد يخلق فجوة أمنية وسياسية كبيرة، تتيح للأطراف الخارجية التدخل في شؤون لبنان الداخلية، وتضع البلاد أمام مخاطر السيطرة على مؤسسات الدولة ومفاصلها الحيوية.
الأبعاد الاقتصادية والسياسية:
إضافة إلى التحديات الأمنية، يحمل القرار أبعادًا اقتصادية، إذ قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار الداخلي وزيادة عدم الثقة في قدرة الدولة على إدارة شؤونها، ما يفاقم الأزمة الاقتصادية التي يعيشها اللبنانيون منذ سنوات. هذا القرار يطرح أسئلة جوهرية حول العلاقة بين الدولة والمقاومة، ودور الجيش في حماية لبنان مقابل الضغوط الداخلية والخارجية التي تواجهه.
يشكل قرار تسليم سلاح المقاومة اختبارًا حقيقيًا لهشاشة الدولة اللبنانية وقدرتها على حماية سيادتها واستقرارها الداخلي، في وقت تتقاطع فيه المخاطر الأمنية والسياسية والاقتصادية. يفتح هذا القرار الباب أمام تحديات كبيرة أمام الحكومة، ويجعل لبنان أكثر عرضة لأي تدخل خارجي، مع تحذيرات جدية من تصاعد التوتر الداخلي إذا لم يتم التعامل مع الموضوع بحذر واستراتيجية واضحة.