مصر تضغط على أوروبا: دعوة لردع إسرائيل وكبح سياساتها التوسعية

2025.09.02 - 10:58
Facebook Share
طباعة

في ظل تصاعد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وتفاقم الوضع الإنساني إلى مستوى المجاعة، وجّه وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي رسالة قوية خلال لقائه رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا، مؤكدًا أن استمرار السياسات الاستيطانية والتوسعية لإسرائيل يمثل تهديدًا مباشرًا للأمن الإقليمي ولجهود تحقيق السلام. جاء اللقاء على هامش منتدى "بليد" في سلوفينيا، حيث حرصت القاهرة على وضع أوروبا أمام مسؤولياتها تجاه ما يجري في الأراضي الفلسطينية.


الموقف المصري عبّر عن تصعيد دبلوماسي محسوب، إذ ركّز عبد العاطي على ثلاثة محاور أساسية:

الوضع الإنساني في غزة: وصفه بـ"الكارثي" بعد أن بلغ حد المجاعة، نتيجة الحصار ومنع دخول المساعدات واستمرار القصف الإسرائيلي المكثف.


الدعوة لوقف فوري لإطلاق النار: مع تحميل المجتمع الدولي مسؤولية وضع حد لـ"الجرائم السافرة" التي ترتكبها إسرائيل في غزة والضفة الغربية.

الضغط الأوروبي على تل أبيب: عبر خطوات عملية تشمل رفع الحصار، ووقف العمليات العسكرية الموسعة التي تهدد بتصفية القضية الفلسطينية، والدفع نحو تهدئة حقيقية بعيدًا عن الشروط "التعجيزية".

 

المسؤول المصري حذّر من أن السياسات الإسرائيلية القائمة على فرض وقائع جديدة بالقوة ـ عبر التوسع الاستيطاني، وتدمير البنية التحتية، وتغيير معالم الأرض ـ لن تقود إلا إلى توسيع دائرة العنف وعدم الاستقرار، ليس في فلسطين وحدها، بل في المنطقة ككل.

 

القاهرة تدرك أن الاتحاد الأوروبي، رغم تردده التاريخي، يمتلك أوراق ضغط اقتصادية وسياسية على إسرائيل، وأن لحظة الحسم قد اقتربت في ظل الانتقادات المتصاعدة داخل العواصم الأوروبية ضد سياسات حكومة نتنياهو. من هنا، تسعى مصر إلى جعل القمة المصرية–الأوروبية المقبلة منصة لتحويل الشراكة الثنائية إلى أداة ضغط فاعلة، تتجاوز البيانات الدبلوماسية إلى خطوات ملموسة.

 

هذا الموقف يأتي امتدادًا لدور مصر التاريخي كوسيط رئيسي في الملف الفلسطيني، لكنه يعكس أيضًا تحوّلًا نوعيًا نحو خطاب أكثر صراحة وحدّة ضد إسرائيل. فمنذ اندلاع الحرب الأخيرة، وجدت القاهرة نفسها أمام معادلة معقدة: حماية أمنها القومي على حدود غزة، وتلبية الضغوط الداخلية والعربية لوقف المجازر، وفي الوقت ذاته الحفاظ على شراكة استراتيجية مع أوروبا.

وبينما تضع مصر الكرة في الملعب الأوروبي، يبقى السؤال مطروحًا: هل يمتلك الاتحاد الأوروبي الإرادة السياسية لمواجهة إسرائيل، أم أن الموقف سيتجمد عند حدود الإدانات دون فعل حقيقي؟

 

منذ سنوات، ظل الاتحاد الأوروبي يتأرجح بين الإدانات السياسية والخطوات الرمزية في تعامله مع الملف الفلسطيني. بعض الدول مثل إيرلندا، إسبانيا، بلجيكا اعترفت مؤخرًا بالدولة الفلسطينية، في حين ما زالت عواصم أخرى مثل ألمانيا وفرنسا تلتزم بمواقف حذرة، مكتفية بالدعوة إلى "حل الدولتين" دون إجراءات عملية.

هذه الانقسامات تعكس غياب سياسة أوروبية موحدة، ما أتاح لإسرائيل الاستمرار في سياساتها دون تكلفة تُذكر. لذلك، فإن المطلب المصري الحالي يختبر قدرة الاتحاد على الانتقال من مرحلة التصريحات إلى مرحلة القرارات المؤثرة، سواء عبر الضغط الاقتصادي، أو تجميد بعض أشكال التعاون، أو فرض قيود على المستوطنات. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 5