فضائح سجن الراعي تكشف انتهاكات حقوق الإنسان

سامر الخطيب

2025.09.01 - 03:10
Facebook Share
طباعة

 سجن الراعي الواقع في ريف حلب الشمالي أصبح رمزًا للانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان، بحسب منظمات حقوقية . تأسس السجن عام 2012 بعد تعرض سجن مارع للقصف، وانتقل إلى موقعه الحالي في بلدة الراعي الحدودية مع تركيا، ليضم سجناء من تنظيم "داعش"، تنظيم "حراس الدين"، حزب العمال الكردستاني، بالإضافة إلى جنائيين ومعتقلين بتهم مختلفة. ويشرف على إدارة السجن بشكل غير مباشر جهاز الاستخبارات التركي، في حين تديره فصائل المعارضة المسلحة على الأرض.


معاناة المعتقلين في السجن تتسم بالاحتجاز التعسفي وانعدام أي إجراءات قانونية. شهادات أقارب سجناء سابقين تكشف عن ظروف مروعة، حيث يتناوب السجناء على الملابس والأغطية أثناء الزيارات، وغياب الوسائد والأسرة الصحية، وتردّي الرعاية الطبية بشكل خطير، بما في ذلك إصابة بعض السجناء بالفطريات والأمراض الجلدية. معظم المعتقلين لم يخضعوا لأي تحقيق أو محاكمة، وهو ما يجعل الاعتقال خارج أي إطار قانوني أو قضائي.


الأوضاع داخل السجن تتفاقم مع الممارسات القسرية، حيث يُمارس التعذيب الجسدي والنفسي بحق المعتقلين، ويُجبرون على تعلم اللغة التركية وأداء الصلوات، مع منعهم من التحدث بلغتهم الأم والتواصل مع ذويهم. كما وثّقت منظمات حقوقية انتهاكات مستمرة، تشمل الاعتقالات التعسفية والابتزاز المالي، مما يجعل السجن نموذجًا صارخًا لانتهاكات القانون الدولي الإنساني ومعايير حقوق الإنسان.


في مارس 2025، شهد السجن حادثة هروب جماعي لعناصر من تنظيم "داعش" وفصائل متشددة أخرى. تقارير أشارت إلى أن الاستخبارات التركية كانت على علم مسبق بالعملية، حيث تم تعطيل كاميرات المراقبة، مما أثار تساؤلات حول الجهة المستفيدة من إطلاق سراح هؤلاء العناصر، الذين كانوا يشكلون تهديدًا للأمن في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية والتحالف الدولي.


من الناحية التحليلية، يظهر سجن الراعي كيف يمكن لغياب الشفافية والمحاسبة أن يزيد من تعقيد الوضع ويُساهم في استمرار الانتهاكات بحق المعتقلين. العمليات المتكررة، مثل الهروب الجماعي، تكشف عن ضعف الرقابة وإمكانية التواطؤ، ما يضع علامات استفهام حول مدى التزام الفصائل المتحكمة بالسجن بالقوانين الدولية.


سجن الراعي اليوم ليس مجرد مكان احتجاز، بل يمثل حالة نموذجية للانتهاكات الحقوقية في سوريا، ويطرح تساؤلات جدية حول مسؤولية الفصائل في حماية المعتقلين وضمان حقوقهم الأساسية. تظل الحاجة ماسة لتدخل جاد من الحكومة لضمان محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات وتحقيق العدالة للمعتقلين، خصوصًا في ظل استمرار المعاناة الإنسانية والقانونية في السجن.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 3 + 10