رغم أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لا يزال يمسك بزمام الحزب الجمهوري خلال ولايته الثانية، فإن الأنظار بدأت تتجه بالفعل نحو انتخابات 2028. السؤال الأهم: من سيكون الوريث السياسي لـ"ترامبية" لا تزال تسيطر على القاعدة الشعبية وتعيد تشكيل الحزب منذ 2016؟ القائمة الأولية تكشف عن صراع داخلي بين تيارات متشددة، وشخصيات ذات خلفية تقليدية، وأخرى تسعى إلى إعادة صياغة هوية الحزب.
جي دي فانس: الوريث الطبيعي؟
يشغل فانس موقع نائب الرئيس، ما يمنحه أفضلية مؤسسية ورمزية، إضافة إلى قربه الفكري من ترامب وقاعدته. خلفيته المتواضعة وكتابه "مرثية هيلبيلي" يضعانه في موقع مؤثر لدى الطبقات العاملة. لكن التساؤلات مستمرة حول حدسه السياسي وقدرته على الصمود أمام منافسين أكثر خبرة.
ترامب الابن: الوراثة بالدم لا بالسياسة
يحمل دونالد ترامب الابن الإرث العائلي لكنه يفتقر إلى خبرة انتخابية حقيقية. نشاطه مقتصر على الإعلام الجديد وخطاب شعبوي يكرر أسلوب والده، لكنه قد يواجه صعوبة في إقناع الجمهوريين بأنه قادر على إدارة المشهد السياسي بنفس الكفاءة.
كوتون وكروز وروبيو: الجمهوريون التقليديون
توم كوتون يمثل الصوت الأمني والعسكري المتشدد، وقد يستفيد من خلفيته العسكرية في العراق وأفغانستان.
تيد كروز، رغم عودته إلى تحالف نسبي مع ترامب بعد معركة 2016، يظل موضع شك من قواعد "ماغا".
ماركو روبيو يحاول التموضع كجسر بين التيار الشعبوي والجمهوريين التقليديين، لكن صورته القديمة كـ"أمل الحزب" لم تتحول إلى واقع انتخابي.
ديسانتيس: فرصة ضائعة؟
بعد أن فشل في منافسة ترامب بانتخابات 2024، حاول حاكم فلوريدا رون ديسانتيس استعادة شعبيته عبر ملفات الهجرة، لكن صورته كمنافس جدي تراجعت بشكل كبير. تظل فرصته قائمة إذا استطاع تسويق نفسه كخليفة "معتدل" لترامب، لكن حملته السابقة قد تعيقه.
وجوه جديدة مثيرة للجدل
جوش هاولي: يزاوج بين السياسات الشعبوية الاقتصادية والتشدد الاجتماعي، ما يجعله مرشحًا مفاجئًا محتملاً.
مارغوري تايلور غرين: رغم شعبيتها في أوساط اليمين المتطرف وصداماتها الشهيرة، إلا أن قابليتها للانتخاب على المستوى الوطني ضعيفة.
تيم سكوت: جمهوري أسود يتمتع بسمعة جيدة وقدرة على جذب أصوات من خارج القاعدة التقليدية، لكنه لم ينجح سابقًا في بناء زخم انتخابي.
معركة التيارات داخل الحزب
الصراع لا يتعلق بالأشخاص فقط، بل بمستقبل الحزب الجمهوري ذاته:
هل يواصل خط "أمريكا أولا" الانعزالي والشعبوي؟
أم يعود إلى تقاليد الحزب المحافظ في السياسة الخارجية والاقتصاد؟
أم نشهد مزيجًا جديدًا يوازن بين الاثنين؟
المشهد الراهن يعيد إلى الأذهان ما جرى بعد رئاسة ريغان في الثمانينيات، حين خاض الجمهوريون معركة داخلية لتحديد هوية الحزب. لكن الفارق اليوم أن ترامب ترك بصمة أعمق بكثير، وحوّل القاعدة الجمهورية إلى كتلة تدين بالولاء لشخصه قبل الحزب.
بالتالي، فإن انتخابات 2028 لن تكون مجرد منافسة على مقعد رئاسي، بل معركة على روح الحزب الجمهوري نفسه: هل ستبقى "ترامبية" أم ستتطور إلى صيغة جديدة أكثر اتساعًا؟