سبتمبر المضطرب: واشنطن تعزل الفلسطينيين وإسرائيل تواجه غلياناً داخلياً

وكالة أنباء آسيا

2025.09.01 - 08:42
Facebook Share
طباعة

تتصاعد التوترات الإقليمية والدولية في الأول من سبتمبر 2025 مع سلسلة تطورات متسارعة تمسّ قضايا سياسية وإنسانية وأمنية في أكثر من ساحة. في واشنطن، كشفت تقارير إعلامية عن قرار أمريكي غير معلن يقضي بتجميد إصدار معظم التأشيرات لحاملي جوازات السلطة الفلسطينية، حيث وُجّهت البعثات الدبلوماسية الأمريكية برفض طلبات الحصول على تأشيرات للطلاب والمرضى والزوار والعمال، باستثناء من يملكون جواز سفر ثانياً أو تأشيرة سارية المفعول. القرار الذي صدر بصمت يطرح تساؤلات حول أسبابه وتوقيته، خصوصاً في ظل الانسداد السياسي القائم بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وما يحمله من دلالات على سياسة أمريكية أكثر تشدداً تجاه الفلسطينيين.

في الداخل الإسرائيلي، شهد اليوم الأول للعام الدراسي الجديد حالة ارتباك غير مسبوقة، بعدما قرر آلاف الطلاب في المدارس الثانوية الإضراب عن الدراسة، ملوّحين بمطالب سياسية تتعلق بصفقة تبادل الأسرى. المظاهر الاحتجاجية لم تقتصر على الامتناع عن حضور الحصص، بل امتدت إلى الشوارع حيث قطع طلاب طريق أيالون الحيوي في تل أبيب وأشعلوا أثاثاً مدرسياً، في مشهد أثار مخاوف السلطات من انتقال الغضب الطلابي إلى موجة احتجاجات أوسع. يأتي ذلك فيما أعلنت وزارة التعليم عودة نحو مليونين ونصف المليون طالب إلى مقاعد الدراسة، بينهم ما يزيد عن 180 ألفاً في الصف الأول الأساسي و149 ألفاً في المرحلة النهائية الثانوية، مع بروز ملاحظة ديموغرافية لافتة مفادها أنّ عدد الملتحقين بالمدارس الدينية بات يقترب للمرة الأولى من التفوق على المدارس العلمانية، وهو تحول يعكس تحولات أعمق في المجتمع الإسرائيلي ذاته. غير أن العام الدراسي الجديد افتتح أيضاً وسط أزمة نقص الكوادر التعليمية، إذ اعترفت الوزارة بعجز يقارب 500 معلم، بينما رجحت تقارير صحافية أن الأعداد الحقيقية تفوق ذلك بكثير.

خارج إسرائيل، ضرب زلزال عنيف بلغت قوته ست درجات مقاطعة كونار الجبلية في شمال شرق أفغانستان قرب الحدود الباكستانية. الأنباء الأولية تتحدث عن سقوط مئات القتلى والجرحى، فيما تعيق الطبيعة الجبلية النائية وصول فرق الإنقاذ إلى القرى المتضررة. المشهد يثير القلق من كارثة إنسانية جديدة في بلد يرزح أصلاً تحت أزمات سياسية واقتصادية حادة.

أما على الجبهة اللبنانية، فقد أعلن الجيش الإسرائيلي أنه استهدف موقعاً وصفه بالمهم في منطقة النبطية بجنوب لبنان، مؤكداً مقتل عنصر من حزب الله بدعوى خرقه اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في نوفمبر الماضي. الهجوم يفتح الباب أمام تساؤلات جديدة حول هشاشة التفاهمات الميدانية وخطر انزلاق الساحة اللبنانية مجدداً إلى مواجهة مفتوحة، خصوصاً مع إصرار إسرائيل على استمرار عملياتها "الاستباقية"، مقابل خطاب حزب الله المتوعد بالرد.

تتداخل هذه التطورات لتضع المنطقة أمام لوحة معقدة: تشدد أمريكي متجدد ضد الفلسطينيين، توتر اجتماعي وسياسي داخل إسرائيل يمتد من المدارس إلى الشوارع، كارثة طبيعية في أفغانستان تهدد بزيادة المأساة الإنسانية، وتصعيد عسكري جديد في الجنوب اللبناني. لوحة توحي بأن سبتمبر قد يكون بداية موسم أكثر اضطراباً في الشرق الأوسط وما حوله.

تعكس التطورات الأخيرة مشهداً إقليمياً ودولياً متشابكاً، إذ يبرز القرار الأمريكي تجاه الفلسطينيين كمؤشر على ميل واشنطن نحو إعادة رسم سياستها في الشرق الأوسط بما يخدم أولوياتها الأمنية والسياسية، حتى ولو كان ذلك على حساب ملفات إنسانية ملحّة مثل حرية التنقل والتعليم والعلاج. في المقابل، يكشف الإضراب الطلابي في إسرائيل عن تصدّع داخلي يتجاوز حدود المدارس ليكشف عن جيل جديد يرى في قضية الرهائن ومعادلة الحرب والسلام جزءاً من مستقبله المباشر. وفي الجبهة الشمالية، يُظهر استهداف حزب الله هشاشة التفاهمات الميدانية وخطورة استمرار سياسة "الضربات الوقائية" التي قد تجر لبنان إلى جولة جديدة من التصعيد. أما الزلزال في أفغانستان، فيعيد إلى الواجهة هشاشة البنى التحتية في الدول الفقيرة، وكيف يمكن لكارثة طبيعية أن تضاعف الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

في المحصلة، تتقاطع هذه المشاهد في خط واحد هو تزايد الانكشاف الإقليمي: تشدد أمريكي، اضطراب إسرائيلي داخلي، تهديدات متجددة على الحدود الشمالية، وكوارث طبيعية في بيئات هشة. جميعها عناصر ترسم صورة أكثر قتامة لشهر سبتمبر، حيث تتداخل الملفات الإنسانية بالسياسية، وتبقى المنطقة معلّقة بين احتمالات الانفراج ومخاطر الانفجار. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 5