تشهد الساحة اللبنانية توترًا متصاعدًا وحالة من الترقّب السياسي قبيل جلسة مجلس الوزراء المرتقبة يوم الجمعة، التي ستتناول خطة الجيش المتعلقة بآلية حصر السلاح بيد الدولة. في ظل الانقسام الداخلي، وتناقض الإشارات القادمة من واشنطن وتل أبيب، يبدو أن لبنان يدخل مرحلة حساسة تتشابك فيها الضغوط الإقليمية مع الحسابات الداخلية.
سلام: المفاوضات تراوح مكانها
رئيس الحكومة نواف سلام حذّر في حديث إلى صحيفة الشرق الأوسط من أن المفاوضات مع الجانب الأميركي "تراوح مكانها"، في ظل تمسّك إسرائيل بشرط نزع سلاح حزب الله قبل أي التزام متبادل. وأكد سلام أن الحكومة "لن تتوانى عن الحفاظ على كل شبر من أرض الوطن"، مشددًا على أن الوحدة الوطنية تبقى السلاح الأقوى في مواجهة التحديات.
وأشار إلى أن مجلس الوزراء ماضٍ في مساعي الإصلاح وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها "بقواها الذاتية"، مؤكداً أن النهوض بالمؤسسات هو السبيل الوحيد لتفادي انهيار شامل.
متري: ورقة باراك سقطت
في المقابل، رأى نائب رئيس الحكومة طارق متري أن ورقة المبعوث الأميركي توماس باراك "سقطت" بعد عودته من إسرائيل بلا جواب، معتبرًا أن الرهان على الوساطة الأميركية لم يعد قائمًا. وأوضح في مقابلة تلفزيونية أن الحكومة لن تتراجع عن قرار حصر السلاح بيد الدولة، داعيًا إلى جلسة "هادئة وحوارية" داخل مجلس الوزراء.
وأضاف متري أن التنسيق بين حزب الله والجيش والحكومة قائم على تجنّب المواجهة الداخلية، مؤكدًا أن الجميع متفق على عدم الانزلاق إلى نزاع لبناني–لبناني.
بري: الجيش خط أحمر
أما رئيس مجلس النواب نبيه بري، فاعتبر أن اتفاق وقف النار مع إسرائيل الموقع في تشرين الثاني الماضي "أسوأ من اتفاق 17 أيار 1983"، موضحًا أن إسرائيل نسفته بعد رفضها الالتزام بما نُقل عبر المبعوث الأميركي. وأكد بري أن واشنطن "لا تقدم أي ضمانات"، وأن التعامل مع لبنان يجري كأنه "خاسر في معركة لم تنته بعد".
وفي رسالة واضحة، شدّد بري على أن الجيش اللبناني لن يكون كبش فداء في الخطة الحكومية، قائلاً: "لن نسمح بالمسّ بالجيش أو التحريض عليه. فالقرار في جوهره سياسي، ومكانه مجلس الوزراء".
مشهد ضبابي
ما بين تحذيرات سلام من جمود المفاوضات، وتصريحات متري حول سقوط الورقة الأميركية، وموقف بري الصارم دفاعًا عن الجيش، يقف لبنان عند مفترق طرق دقيق. فالجلسة المقبلة قد تحدد مسار المرحلة المقبلة: إمّا فتح نافذة لحوار داخلي يكرّس وحدة القرار، أو تكريس مزيد من الانقسام والجمود.
في المحصلة، يظل السؤال الأهم: هل يمتلك لبنان القدرة على فرض معادلة داخلية مستقلة، أم أن مصيره سيظل مرهونًا بانتظار إشارات خارجية لا تأتي؟