السويداء بين الجدل الداخلي والمشاريع الإقليمية

2025.08.30 - 05:23
Facebook Share
طباعة

 
تتصدر محافظة السويداء السورية واجهة النقاش السياسي والإعلامي، بعد سلسلة من التطورات الميدانية والسياسية التي أعادت تسليط الضوء على موقعها في المشهد السوري والإقليمي. التصريحات المتباينة الصادرة عن شخصيات لبنانية بارزة، مثل وليد جنبلاط وغازي العريضي، أظهرت حجم التداخل بين الوضع المحلي في السويداء والتوازنات الإقليمية المعقدة.


جنبلاط: السويداء جزء من الوطن السوري
في مقابلة صحفية، شدد الزعيم اللبناني وليد جنبلاط على أن السويداء "جزء لا يتجزأ من الوطن السوري"، داعياً الدولة السورية إلى تحمل مسؤولياتها من خلال فتح تحقيق شفاف في الجرائم التي ارتكبت في المحافظة، وما يعقبه من إعادة فتح الطرق المؤدية بين السويداء ودمشق.


ورأى جنبلاط أن هذه الخطوة تتطلب تجاوباً من داخل الطائفة الدرزية نفسها، التي لا تزال بعض الأصوات فيها متحفظة تجاه الانخراط الكامل في مؤسسات الدولة السورية.


وأشار جنبلاط إلى أن لبنان يقف أمام "فرصة تاريخية" مرتبطة بالتحولات في الموقف السوري، موضحاً أن الرئيس السوري أحمد الشرع أعلن بوضوح أن بلاده لم تعد في فلك إيران، وأنها تسعى للاستقلال السياسي لأول مرة منذ عقود. من وجهة نظره، يشكل ذلك فرصة استراتيجية للبنان وسوريا على حد سواء لإعادة صياغة علاقاتهما بعيداً عن الاصطفافات الإقليمية التقليدية.


العريضي: البعد الإسرائيلي في المشهد
في المقابل، قدّم الوزير اللبناني السابق غازي العريضي قراءة مختلفة للتطورات، إذ حذّر من أن ما يجري في السويداء يتجاوز حدودها المحلية ليصب في إطار مشروع إسرائيلي أوسع يستهدف تفتيت المنطقة العربية.


العريضي أوضح أن إسرائيل لا تريد استقراراً دائماً في سوريا أو المنطقة، بل تسعى إلى ضرب انتمائها العربي والإسلامي عبر تفكيك الدول ومؤسساتها. وأشار إلى أن الضربات الإسرائيلية المتكررة على مواقع عسكرية سورية بعد سقوط نظام بشار الأسد، تعكس أن الهدف لم يكن النظام بحد ذاته، بل إضعاف الدولة السورية ككيان جامع.


ورأى العريضي أن إسرائيل تستخدم شعار "حماية الدروز" كذريعة للتدخل، معتبراً أن هذا الخطاب "كذبة كبرى" توظفها تل أبيب لاستثمار وجود بعض المجندين الدروز في الجيش الإسرائيلي، وإثارة حساسيات داخلية تهدد وحدة النسيج السوري.


يجمع الطرفان على أن أحداث السويداء لا يمكن فصلها عن السياق الأوسع للأزمة السورية، التي باتت متشابكة مع ملفات إقليمية تتجاوز الحدود الجغرافية. فالسويداء، بما تمثله من رمزية ديموغرافية وجغرافية، تتحول إلى ساحة تجاذب بين مشاريع الدولة الوطنية ومخططات القوى الخارجية.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 4 + 10