أثارت واقعة انتشار فيديو للطبيب المصري محمد البلاصي، وهو يرقص ممسكًا برضيع حديث الولادة أمام والدته على سرير التوليد، حالة واسعة من الغضب والجدل في مصر خلال اليومين الماضيين. الحادثة لم تقتصر على التفاعل الشعبي على وسائل التواصل الاجتماعي، بل امتدت لتشمل تحركات رسمية من نقابة الأطباء ووزارة الصحة، التي قررت غلق المستشفى المملوك للطبيب. الواقعة تسلط الضوء على التوازن الدقيق بين تصرفات الأطباء الفردية، الأخلاقيات المهنية، وحماية سلامة المرضى.
انتشر الفيديو على نطاق واسع، وأظهر البلاصي يؤدي رقصة مع الرضيع، مستعينًا بأسلوب "بابجي" الشهير، بينما كانت الأم مستلقية على سرير التوليد. انتشار الفيديو أثار موجة انتقادات لاذعة من المواطنين على منصات التواصل، معتبرين أن هذا التصرف يهدد سلامة الرضيع ويخالف معايير الممارسة الطبية.
ردًا على ذلك، قدم الطبيب اعتذارًا رسميًا في بيان كتب فيه أنه لم يقصد الإساءة، وأن تصرفه كان يهدف إلى تخفيف الألم عن الأم بعد التدخل الجراحي، لكنه أقر أن أسلوبه لم يكن في الموضع الصحيح. واختتم بيانه بعبارة: "الاعتذار خُلق الرجال"، معبرًا عن ندمه على ما حدث وطلبه تسامح الجميع.
إلا أن الاعتذار لم يكن كافيًا لتجنب الإجراءات الرسمية، حيث أعلنت وزارة الصحة المصرية غلق المستشفى الذي وقع فيه الحادث، بعد أن تبين عبر التفتيش أن المركز لا يحمل ترخيصًا رسميًا من إدارة العلاج الحر بمحافظة الجيزة، مما يشكل خطرًا على سلامة المرضى.
الواقعة سلطت الضوء على فجوة في الرقابة على مراكز التوليد الخاصة في مصر، خصوصًا تلك المملوكة من قبل الأطباء أنفسهم. غلق المستشفى يعكس تطبيقًا صارمًا للمعايير الصحية ويؤكد أن أي مخالفة للترخيص أو الانضباط المهني قد تواجه إجراءات قانونية فورية. كما أن تصرف الطبيب يثير تساؤلات حول مدى وعي الأطباء بمسؤولياتهم تجاه المرضى وحقوقهم، خاصة الرضع والأطفال.
تفاعل الجمهور مع الفيديو أظهر حجم الحساسية المجتمعية تجاه أي تصرف قد يُعرض حياة المواليد للخطر، كما يعكس أيضًا الصراع بين الأساليب الترفيهية أو التخفيفية داخل بيئة طبية دقيقة. بعض التحليلات ترى أن تصرف البلاصي، مهما كانت نيته، يمثل تجاوزًا لمعايير السلوك المهني ويؤثر على الثقة بين المرضى والأطباء. في المقابل، يشير البعض إلى أن الطبيب كان يحاول تخفيف التوتر النفسي للأم بعد العملية، وهو ما يعكس جانبًا إنسانيًا لكنه لم يكن في إطار آمن.
الواقعة تمثل درسًا مهمًا للأطباء والمستشفيات الخاصة حول ضرورة الالتزام بالمعايير المهنية والأخلاقية، وعدم المزج بين الترفيه والتدخلات الطبية المباشرة، خصوصًا مع الرضع والمرضى الحسّاسين. كما تؤكد الحاجة إلى تعزيز الرقابة على مراكز التوليد الخاصة والتأكد من سلامة ترخيصها وبيئة عملها. في الوقت ذاته، تظهر الواقعة مدى سرعة انتشار الفيديوهات على منصات التواصل، وقدرتها على تحريك الرأي العام والإجراءات الرسمية في مصر، ما يجعل الموازنة بين الإنسانية المهنية والظهور الإعلامي تحديًا حقيقيًا أمام الأطباء.