أنهى الجيش اللبناني مؤخراً عملية نزع السلاح من ستة مخيمات فلسطينية في جنوب لبنان وبيروت، في خطوة تُعد الأولى من نوعها منذ سنوات طويلة، لكنها جاءت جزئية ولا تشمل جماعات مسلحة بارزة مثل حماس والجهاد الإسلامي. العملية جاءت بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية، لكنها سلطت الضوء على هشاشة السيطرة اللبنانية على التسلح الفلسطيني ومخاطر استمرار وجود أسلحة غير خاضعة للرقابة.
بدأت العملية بنزع الأسلحة من مخيمات الرشيدية، برج الشمالي، البص قرب مدينة صور، ثم توسعت لتشمل مخيمي شاتيلا ومارلياس في بيروت، وصولاً إلى مخيم برج البراجنة في الضاحية الجنوبية لبيروت. تسلم الجيش اللبناني مجموعة من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة وصواريخ B7 وأسلحة أرض-أرض متوسطة المدى.
العملية جاءت وفق اتفاق بين الحكومة اللبنانية والسلطة الفلسطينية، مع التركيز على فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، خصوصًا حركة فتح، والتي تُعتبر خاضعة للسلطة. وقد أكدت السلطات اللبنانية أن الهدف هو السيطرة على المخيمات وتهيئة الأرضية لنزع سلاح مجموعات مسلحة أكبر، بما في ذلك حزب الله، مستقبلاً.
ومع ذلك، فإن استثناء حماس والجهاد الإسلامي من العملية يشكل ثغرة كبيرة. هاتان الجماعتان غير خاضعتين للسلطة الفلسطينية، ويُذكر أن الأسلحة التي بحوزتهما تُعتبر "غير قانونية" وفق القانون اللبناني، مما يفتح المجال لاحتمال مواجهات مستقبلية بين الجيش اللبناني وهذه الجماعات المسلحة.
العملية تجري على مراحل، والمرحلة القادمة تشمل المخيمات في شمال لبنان ووادي البقاع. وأكد نابل أبو ردينة، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، أن "السلطات الفلسطينية في لبنان سلمت الدفعة الثالثة من أسلحة فصائل منظمة التحرير الفلسطينية إلى الجيش اللبناني"، مشيراً إلى أن هذه الخطوة جاءت بعد اتفاق عباس مع الرئيس اللبناني في مايو الماضي.
نجاح عملية نزع السلاح الجزئي يثبت قدرة الجيش اللبناني على فرض بعض السيطرة، لكنه يواجه تحديات كبيرة في مواجهة الجماعات غير الخاضعة للسلطة، خصوصاً حماس والجهاد الإسلامي. الربط بين هذه الجماعات وحزب الله وإيران يزيد من تعقيد المشهد، إذ أن أي محاولة نزع سلاحها قد تُجرّ لبنان إلى مواجهة عسكرية أو توتر أمني شديد.
كما أن التوازن السياسي حساس، إذ أن السلطة الفلسطينية تحاول تقديم نفسها كشريك موثوق للبنان، بينما تتواصل الضغوط الدولية والأوروبية لإيجاد تسويات سياسية للفلسطينيين في لبنان، في ظل استمرار رفض الولايات المتحدة حضور بعض مسؤولي السلطة الفلسطينية لاجتماعات الأمم المتحدة.
المخيمات الفلسطينية في لبنان، البالغ عددها 12 مخيماً، تعكس إرث اتفاقيات الستينيات بين لبنان ومنظمة التحرير الفلسطينية، والتي ضمنت وجود الأسلحة للفصائل الفلسطينية آنذاك. لكن انهيار الاتفاقات بعد الحرب الأهلية اللبنانية وإقرار قوانين لاحقة أبطل هذه الاتفاقات، مما جعل ملف التسلح الفلسطيني في لبنان معقداً ومفتوحاً على احتمالات الصراع في المستقبل.