في خطوة أثارت جدلًا واسعًا، أعلنت الدنمارك عن نيتها دفع الاتحاد الأوروبي لتعليق جزئي لاتفاق الشراكة مع إسرائيل، في ظل مأساة إنسانية مستمرة في غزة. المبادرة الدنماركية ليست مجرد إشارة رمزية، بل محاولة لفتح ملف طالما غاب عن جدول أولويات القارة الأوروبية، حيث يواصل المدنيون دفع ثمن الصراعات السياسية والعسكرية دون حماية حقيقية.
الاقتراح الدنماركي يشمل تعليق فصل التجارة من الاتفاق وفرض عقوبات محددة على وزراء الحكومة الإسرائيلية، وحظر الصادرات القادمة من المستوطنات، مع استثناء الجامعات والباحثين. تصريحات وزير الخارجية لارس لوك راسموسين أكدت أن "الأقوال لم تعد كافية، حان وقت الأفعال"، في إشارة واضحة إلى فشل السياسات الأوروبية السابقة في حماية المدنيين ومحاسبة إسرائيل على انتهاكاتها.
لكن الانقسامات الأوروبية تكشف هشاشة موقف الاتحاد. ألمانيا وإيطاليا رفضتا المؤقت لأي عقوبات، مما يضع المبادرة أمام اختبار صعب: هل ستتمكن الدول المؤيدة من فرض إرادتها على الأغلبية المؤهلة أم ستظل المبادرة رمزية عاجزة عن حماية المدنيين؟ هذا الانقسام ليس مجرد خلاف دبلوماسي، بل انعكاس لموازين القوى والمصالح الاقتصادية والسياسية التي تتحكم بالاتحاد، على حساب المعاناة الإنسانية في غزة.
ويكشف التحليل أن استهداف شركات صغيرة ومتوسطة في مجالات الأمن السيبراني والطائرات المسيرة والذكاء الاصطناعي يعكس محاولة فرض ضغط اقتصادي ذكي، لكنه في الوقت ذاته يطرح تساؤلًا صادمًا: لماذا لم تتحرك أوروبا منذ البداية لمحاسبة إسرائيل؟ وكيف ستستعيد القارة مصداقيتها أمام العالم إذا ظل المدنيون ضحايا الانقسامات الداخلية؟
الخطوة الدنماركية تشكل فرصة نادرة لاختبار مصداقية الاتحاد الأوروبي وفعاليته تجاه الأزمات الإنسانية. فبينما تستمر إسرائيل في التصعيد العسكري، يبقى السؤال الحارق: هل سيترجم الاتحاد أقواله إلى أفعال تحمي المدنيين، أم سيظل مجرد متفرج على مأساة غزة، عاجز عن الوفاء بالمبادئ التي يرفعها على الورق؟