من يقرر مستقبل غزة دون أهلها؟
متابعات _ وكالة أنباء آسيا
تتزايد حدة الانتقادات الفلسطينية مع تسارع النقاشات الدولية حول مستقبل غزة بعد الحرب، حيث وجد الفلسطينيون أنفسهم خارج الطاولة التي تبحث مصيرهم.
شخصيات سياسية وحقوقية بارزة اعتبرت أنّ ما يجري ليس مجرد تجاهل بروتوكولي، بل إقصاء ممنهج يهدد بتكرار أخطاء الماضي، حين صيغت اتفاقيات ومبادرات دولية على حساب مصالح الشعب الفلسطيني.
وفقًا لتقارير نشرتها صحيفة الغارديان البريطانية اليوم الجمعة، عبر ناشطون فلسطينيون عن رفضهم الواضح لآلية إدارة ملف إعادة الإعمار. الباحث والناشط أوباي العبودي وصف المشهد بأنه محاولة لفرض "وصاية جديدة" على غزة، في وقت يعيش فيه أهلها أقسى الظروف الإنسانية.
هذا الغياب الفلسطيني عن صناعة القرار يثير تساؤلات حول شرعية أي ترتيبات مقبلة. فبينما تُطرح أسماء مثل توني بلير وجاريد كوشنر كوسطاء أو مستشارين في مسار إعادة الإعمار، ينظر الفلسطينيون إلى تلك الوجوه كرموز لسياسات فشلت سابقاً في إرساء سلام عادل.
بلير على سبيل المثال ارتبط اسمه بمرحلة ما بعد اتفاق أوسلو، حين تحولت الوعود بالازدهار الاقتصادي إلى واقع من الحصار والتجويع.
أما كوشنر فيحمل إرث "صفقة القرن" التي تجاهلت الحقوق الجوهرية للفلسطينيين.
المخاوف لا تقتصر على الجانب السياسي فحسب، بل تشمل البعد الاقتصادي والاجتماعي. استبعاد المؤسسات المحلية من عمليات التخطيط يعني حرمان غزة من صياغة أولوياتها وفقاً لاحتياجاتها الفعلية.
فبدلاً من مشاريع ترميم البنية التحتية بشكل مستدام، قد تُفرض خطط آنية تخدم مصالح المانحين أكثر مما تخدم السكان. وهذا ما يصفه بعض المراقبين بمحاولة خلق "اقتصاد يعتمد على المساعدات" لا على التنمية الذاتية.
من زاوية أوسع، يعكس الإقصاء استمرار النظرة الاستعمارية التي ترى في الفلسطينيين مجرد موضوع للقرار لا شركاء فيه.
ولذلك فإن الرسالة التي يوجهها القادة والناشطون اليوم واضحة: أي عملية لإعادة إعمار غزة لن تكتسب الشرعية ولا الاستدامة إن لم تُبنَ على شراكة فلسطينية حقيقية.
إن مستقبل القطاع لن تحدده لجان دولية مغلقة، بل قدرة الفلسطينيين على انتزاع مكانهم في الطاولة. وإلا ستظل غزة عالقة في حلقة مفرغة، يتكرر فيها الدمار ويعاد البناء بلا رؤية، بينما يغيب صوت أصحاب الأرض الذين يملكون الحق الأول في تقرير مصيرهم.
