أقرّ الجيش الإسرائيلي بإصابة عناصر في الجيش اللبناني نتيجة غارة استهدفت آلية هندسية تابعة لـ"حزب الله" في منطقة الناقورة جنوب لبنان، في حادثة تشير إلى تصعيد خطير على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، وسط مخاوف من تفاقم التوتر بين الجيشين وإمكانية انزلاق الوضع نحو مواجهة أوسع. تأتي هذه التطورات في وقت تتواصل فيه التحذيرات الدولية من أي خرق للاتفاقيات القائمة بين إسرائيل ولبنان، خصوصًا في مناطق الحدود الحساسة.
أوضح الجيش الإسرائيلي أن الغارة استهدفت آلية هندسية تابعة لحزب الله، ضمن جهود وصفها بـ"إزالة التهديدات الإرهابية وإحباط محاولات إعادة بناء البنى التحتية العسكرية للحزب". وأكد البيان أن الحادث جاء نتيجة خلل فني أدى إلى سقوط الذخيرة على الأرض قبل انفجارها، ما تسبب في إصابة عدد من جنود الجيش اللبناني، دون أن تكون الغارة موجهة ضدهم بشكل مباشر.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه يعرب عن أسفه لهذه الإصابات، مع التأكيد على فتح تحقيق داخلي لفحص ملابسات الحادث، مؤكداً استمراره في سياسة مواجهة أي تهديد يطال دولة إسرائيل.
ونعت قيادة الجيش اللبناني الملازم أول الشهيد محمد إسماعيل والمعاون أول الشهيد رفعت الطعيمي، اللذين استشهدا بتاريخ 28/8/2025 نتيجة انفجار مسيّرة إسرائيلية أثناء الكشف عليها في بلدة الناقورة. ويشكل هذا الحادث ضربة جديدة للعلاقات الهشة على الحدود، ويثير مخاوف من تصعيد عسكري غير مقصود قد يتحول إلى مواجهة أوسع بين الطرفين.
المحللون يشيرون إلى أن الحدود الجنوبية للبنان تبقى منطقة عالية الخطورة، حيث أي حادث عسكري، حتى وإن كان عرضيًا، قد يفتح الباب لتوترات خطيرة على صعيد الجيشين أو الميليشيات الموالية لحزب الله.
الغارة الإسرائيلية تأتي ضمن استراتيجية واضحة لمراقبة ومنع إعادة بناء القدرات العسكرية لحزب الله على طول الحدود، خصوصًا بعد سنوات من التهدئة الهشة التي فرضت تفاهمات غير مكتوبة بين الجانبين. ويشير خبراء عسكريون إلى أن سقوط الذخيرة على الجنود اللبنانيين يعكس حجم المخاطر المرتبطة بالتشغيل المباشر للتكنولوجيا العسكرية المتقدمة في مناطق مأهولة بالجيش اللبناني المدني، ما يزيد احتمالات الحوادث غير المقصودة.
وتُظهر هذه التطورات أن الحدود الجنوبية ليست خطًا ثابتًا للتهدئة، بل ساحة مفتوحة للتوتر، حيث يمكن لأي خلل فني أو خطأ في التقدير أن يفضي إلى مواجهة مباشرة بين إسرائيل وحزب الله أو الجيش اللبناني، مع تأثيرات عسكرية وسياسية واسعة على لبنان والمنطقة بأكملها.
الحادثة تحمل رسائل مزدوجة؛ فإسرائيل تعلن استمرارها في مواجهة أي تهديد من حزب الله، بينما يبرز الجيش اللبناني في موقف حذر، مع تأكيده على فقدان عناصره نتيجة عمل عسكري إسرائيلي مباشر وغير مقصود. ويعكس الحادث هشاشة التفاهمات القائمة بين الطرفين، ويزيد الضغط على الوسطاء الدوليين لتخفيف التوتر قبل أن تتطور الأمور إلى مواجهة أوسع.
يشكل حادث إصابة الجنود اللبنانيين بالغارة الإسرائيلية تطورًا جديدًا في سلسلة التوترات المتكررة على الحدود الجنوبية، ويعكس خطورة أي خلل تقني أو تقديري في مناطق التماس مع ميليشيات مسلحة. ومع استمرار إسرائيل في مراقبة وقدرة حزب الله على إعادة بناء بنيته العسكرية، تبقى المنطقة تحت تهديد تصعيد محتمل، ما يستدعي متابعة دقيقة للتطورات العسكرية والسياسية على حد سواء.