مئات من موظفي الأمم المتحدة أطلقوا دعوة غير مسبوقة لمفوضية حقوق الإنسان لوصف ما يحدث في غزة بالإبادة الجماعية، مؤكدين أن الصمت أو التردد في استخدام هذا المصطلح يضع مصداقية المنظمة على المحك.
الرسالة التي وُجهت لمفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، وشُرّعت باسم أكثر من 500 موظف، أبرزت أن المعايير القانونية للإبادة الجماعية تحققت بالفعل، مستندة إلى حجم ونطاق وطبيعة الانتهاكات الموثقة في القطاع المحاصر منذ ما يقرب من عامين.
الموظفون أشاروا في رسالتهم إلى أن عدم التنديد الفوري بـ"إبادة جماعية تحدث حاليا" يمثل إخفاقًا أخلاقيًا وقانونيًا، يقوض مصداقية الأمم المتحدة ومنظومة حقوق الإنسان نفسها. وأضافوا أن التاريخ يحمل دروسًا قاسية، مستذكرين الإخفاق الدولي في رواندا عام 1994، والذي أدى إلى وفاة أكثر من مليون شخص، معتبرين أن التجربة يجب أن تحفز على التحرك العاجل لمنع تكرار مثل هذه المآسي.
التقديرات الأخيرة تشير إلى أن نحو 514 ألف شخص، أي نحو ربع سكان غزة، يواجهون حالياً ظروف مجاعة شديدة، ما يزيد من خطورة الوضع الإنساني ويضفي بعدًا إضافيًا على مسألة وصف الانتهاكات بالإبادة الجماعية.
وأكدت بعض منظمات حقوق الإنسان، مثل منظمة العفو الدولية، أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية، فيما استخدمت المقررة الخاصة للأمم المتحدة فرانشيسكا ألبانيزي هذا المصطلح، لكن المنظمة الدولية لم تصدر بعد موقفًا رسميًا مماثلًا.
الموضوع القانوني يظل حساسًا، إذ سبق لمسؤولين في الأمم المتحدة التأكيد أن تحديد الإبادة الجماعية هو اختصاص محاكم دولية، وهو ما يجعل الخطوات الرسمية طويلة ومعقدة، كما يظهر في دعوى جنوب إفريقيا على إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية عام 2023، والتي تتهمها بالإبادة الجماعية، لكن النظر في الموضوع قد يستغرق سنوات.
الضغط الداخلي من الموظفين يمثل مؤشرًا على وجود صراع بين الموقف الرسمي للمنظمة والوعي الأخلاقي للعاملين بها، ويكشف عن محاولة للالتزام بالقيم الإنسانية أمام واقع يتسم بالانتهاكات الواسعة. البيان الموحد للموظفين يوضح أن التحرك المبكر لا يتعلق فقط بالاعتراف القانوني، بل بالمصداقية الأخلاقية لمنظومة الأمم المتحدة ككل، وهو ما يعكس حالة من الإحباط العميق تجاه البطء في التحرك الدولي تجاه الأزمات الإنسانية الحرجة.