شهدت العلاقات بين البحرين وإسرائيل خطوة دبلوماسية مهمة، مع تسلم وزير الخارجية البحريني عبد اللطيف بن راشد الزياني أوراق اعتماد السفير الإسرائيلي الجديد شموئيل ريفيل في المنامة.
هذا الحدث يفتح صفحة جديدة في العلاقات الثنائية التي تأثرت بشكل ملحوظ خلال الفترة الماضية نتيجة التوترات الإقليمية، ويعد استئنافاً للحوارات الرسمية بين البلدين بعد انقطاع دام ما يقارب العام.
تأتي هذه الخطوة بعد فترة توتر بدأت في نوفمبر 2023م، عندما قررت البحرين استدعاء سفيرها احتجاجاً على الهجوم الدموي في 7 أكتوبر والحرب المندلعة في غزة، ما أدى أيضاً إلى مغادرة المبعوث الإسرائيلي من المنامة.
القرار آنذاك كان بمثابة رسالة سياسية واضحة حول موقف البحرين من القضية الفلسطينية، في ظل صعود التوترات في المنطقة وتفاقم الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة.
البحرين تلعب دوراً استراتيجياً في التوازن الإقليمي، إذ تستضيف الأسطول الخامس الأمريكي، وتعمل على الحفاظ على استقرار الخليج في مواجهة الصراعات المتنوعة. عودة السفير الإسرائيلي بعد انقطاع دبلوماسي طويل تشير إلى رغبة متبادلة في إعادة إطلاق الحوار الرسمي، على الرغم من استمرار التحديات الإقليمية والتوترات المرتبطة بالقضية الفلسطينية.
العلاقات بين البحرين وإسرائيل بدأت رسمياً في 2020 من خلال اتفاقيات إبراهيم التي رعتها الولايات المتحدة، والتي شكّلت إطاراً للتعاون السياسي والاقتصادي والأمني.
غير أن الأحداث الدموية في أكتوبر 2023 أثرت بشكل مباشر على هذا التعاون، حيث وضعت البحرين في موقف حساس يجمع بين التزاماتها الإقليمية واستجابتها للقضايا الإنسانية والسياسية في فلسطين.
الخطوة الحالية تمثل أيضاً اختباراً لقدرة الطرفين على إدارة علاقاتهما الدبلوماسية وسط صراعات إقليمية متشابكة، بما في ذلك استمرار الحرب في غزة وتداعياتها على الرأي العام في المنطقة.
تسلم السفير الجديد أوراق اعتماده يعكس محاولة إعادة بناء قنوات الحوار وإيجاد توازن بين الالتزامات السياسية الداخلية والخارجية.
على الجانب الإسرائيلي، تعيين شموئيل ريفيل في المنامة يوضح الاهتمام بالحفاظ على استقرار العلاقات مع الخليج العربي رغم التحديات الأمنية والسياسية، هذا التعيين قد يسهم في تعزيز التعاون الاقتصادي والدبلوماسي، بالإضافة إلى فتح مجال للتنسيق حول القضايا الإقليمية المشتركة، خصوصاً فيما يتعلق بالأمن البحري ومكافحة الإرهاب والتجارة الإقليمية.
من منظور إقليمي، إعادة استئناف العلاقات الدبلوماسية بين المنامة وتل أبيب تأتي في سياق محاولات متعددة لتحقيق توازن سياسي واستراتيجي، خصوصاً مع التوتر المستمر بين القوى الإقليمية المختلفة وتصاعد التحديات الأمنية في الشرق الأوسط.
البحرين تسعى من خلال هذا الحوار الدبلوماسي إلى توظيف موقعها الاستراتيجي لدعم السلام والاستقرار في المنطقة، دون المساس بمواقفها تجاه القضايا الإنسانية والسياسية الحساسة.
بالتالي، وصول السفير الإسرائيلي الجديد إلى البحرين يمثل خطوة حاسمة في استئناف العلاقات الرسمية، ويؤكد رغبة البلدين في إعادة فتح قنوات التواصل رغم الضغوط الإقليمية والدولية. المرحلة القادمة ستحتاج إلى إدارة دقيقة للعلاقات، تتطلب تنسيقاً مستمراً لضمان استمرار الحوار، وموازنة المصالح الوطنية والإقليمية، مع الحرص على استجابة البحرين للمواقف الشعبية والقضايا الإنسانية في المنطقة.
الخطوة تفتح الباب أمام إعادة بناء الثقة بين الجانبين، وتوفر فرصة لمناقشة سبل التعاون في مجالات السياسة، الاقتصاد، والأمن، بما يضمن استقرار الخليج في ظل ظروف إقليمية متقلبة. المستقبل الدبلوماسي للعلاقات بين المنامة وتل أبيب يعتمد على قدرة الطرفين في إدارة الملفات الحساسة، مع الاستفادة من المكاسب السابقة التي تحققت منذ اتفاقيات إبراهيم، وتعزيز فرص السلام والاستقرار على المستوى الإقليمي.