في خطوة حملت أبعادًا سياسية دقيقة، زار المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، توماس براك، لبنان يوم الثلاثاء 26 آب، حيث التقى الرئيس اللبناني السابق جوزيف عون، ثم أجرى لقاءً بارزًا مع زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي، وليد جنبلاط. رافق براك في اللقاء السيناتور الأمريكي جين شاهين وعضو الكونغرس جو ويلسون، بالإضافة إلى السفيرة الأمريكية في بيروت ليزا جونسون، بينما حضر عن الحزب تيمور جنبلاط ونواب آخرون.
ركز الاجتماع على آخر المستجدات الإقليمية والمحلية، وكان ملف السويداء حاضرًا بشكل واضح، وفق مصادر مقربة من الحزب التقدمي الاشتراكي. وتناول اللقاء البيان الذي أصدره الحزب مؤخرًا بشأن السويداء، والذي دعا إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية لكشف الحقائق حول الأحداث الأخيرة في المحافظة، والإفراج عن المفقودين، ومحاسبة جميع المتورطين، وفتح ممرات إنسانية عاجلة. كما شدد البيان على ضرورة إطلاق مساعدات عاجلة لسكان المحافظة، إلى جانب خطة لإعادة الإعمار برعاية الدول الداعمة لاستقرار سوريا.
خلال النقاش، تطرق اللقاء إلى إمكانية انخراط السويداء ضمن الدولة السورية الجديدة، ضمن حوار سياسي شامل، بينما أكد البيان الصادر عن الحزب في 15 آب أهمية تحقيق دولي شفاف، يعيد الثقة بين أبناء المحافظة والدولة، ويؤكد على العدالة والمساواة بين جميع المواطنين.
وقالت مصادر متابعة إن براك وجنبلاط اتفقا على ضرورة وحدة سوريا، والعمل على إيجاد حل سياسي للأزمة، مع التأكيد على رفض أي أفكار للحكم الذاتي أو إنشاء كيانات منفصلة، خاصة في مناطق الجنوب والشمال الشرقي السوري. وتم التشديد على أهمية إيصال المساعدات الإنسانية عبر دمشق والأردن عبر المنظمات الدولية، لضمان عدم تحولها إلى أداة سياسية.
أما على صعيد القيادات المحلية في السويداء، فقد أعرب المبعوث الأمريكي عن استيائه من الشيخ حكمت الهجري، الذي أعلن مؤخرًا تشكيل “الحرس الوطني” ومجلس أعلى يمثل الأجهزة الأمنية والعسكرية والسياسية والقانونية في المحافظة، داعيًا إلى إعلان إقليم منفصل. وتشكل الحرس الوطني في 23 آب ويضم نحو 40 تشكيلًا عسكريًا، ما اعتبره براك تهديدًا لوحدة الدولة السورية ومساسًا بسيادة الحكومة المركزية.
ووفق تصريحات الهجري، فإن المرحلة الجديدة جاءت نتيجة ما وصفه بـ”المحنة الجديدة” التي تستهدف الطائفة الدرزية، ودعا الدول والشعوب إلى الوقوف إلى جانبها، مشيرًا إلى الدعم المزعوم من الولايات المتحدة وإسرائيل، الأمر الذي يعكس خطورة الوضع ويدفع إلى تعقيد المساعي الأمريكية نحو حل سياسي شامل في سوريا.
يبقى اللقاء بين براك وجنبلاط مؤشرًا واضحًا على الحرص الأمريكي على تثبيت وحدوية الدولة السورية، ورفض أي مسارات انفصالية، مع التركيز على الحماية الإنسانية لسكان السويداء، وإعادة الثقة في الدولة عبر آليات سياسية وقضائية تضمن العدالة والمساءلة، في ظل استمرار محاولات بعض القيادات المحلية فرض نفوذ عسكري وسياسي مستقل قد يهدد استقرار المنطقة بأكملها.