عبد الرزاق المهدي.. وجه غير معلن للحرب

2025.08.28 - 11:23
Facebook Share
طباعة

 أفرجت السلطات التركية مؤخرًا عن الشيخ عبد الرزاق المهدي، الداعية السوري والشرعي السابق في “هيئة تحرير الشام”، بعد ساعات من احتجازه في مطار صبيحة بإسطنبول لأسباب تتعلق بالتأشيرة. وأوضح المهدي أن أمن المطار أوقفه بسبب وصول التأشيرة عبر الهاتف، بينما الأصل أن تُرسل عبر السفارة، ما أدى إلى منعه من دخول الأراضي التركية وإعادته إلى دمشق.


نشأته ومساره الفكري
الشيخ عبد الرزاق المهدي من ريف دمشق، متخصّص في علم الحديث النبوي، ويحمل الفكر المعروف بـ”السلفية الجهادية”. أقام خلال السنوات الماضية في مناطق شمال غربي سوريا الواقعة تحت نفوذ “هيئة تحرير الشام”، حيث شارك في لجان التحكيم بين الفصائل المسلحة، وحاول السيطرة على نزاعاتها أو توحيدها، وفق ما عُرف عنه سابقًا.


عمله في الفصائل المسلحة
في عام 2016، شغل المهدي منصب قاضٍ في “جيش الفتح”، الذي كان ناشطًا في شمال غربي سوريا، وساهم في تأسيس “جيش العسرة”، الذي جمع عدة فصائل صغيرة، أبرزها “حراس الدين” المرتبط بتنظيم القاعدة. وفي 2017 أعلن انسحابه من “تحرير الشام” بعد أشهر قليلة من تأسيسها، مبررًا قراره بعدم قدرته على “رفع الظلم وإنصاف المظلومين”، بالتزامن مع اشتباك الهيئة مع فصائل الجيش الحر، وهو انسحاب يعكس انقسامات واضحة داخل الفصائل المسلحة في المنطقة.


نشاطاته بعد الانسحاب
عرف المهدي بتركيزه على قضية المعتقلين في سجون “تحرير الشام”، خاصة من المقاتلين في صفوف الفصائل المعارضة. وفي شباط 2024، انخرط في حراك طالب بإسقاط قائد الهيئة آنذاك، فيما عُرف بـ”أبو محمد الجولاني”، وطالب بتبييض السجون بعد مقتل العسكري عبد القادر الحكيم المعروف باسم “أبو عبيدة تل حديا”. وقد أصدر في 4 فبراير الماضي دعوات لإطلاق سراح معتقلي الرأي، بمن فيهم شخصيات معروفة مثل “أبو يحيى الجزائري” و”أبو شعيب المصري” و”أبو سفيان الجبلاوي”، معتبرًا أن المعاملة مع هؤلاء يجب أن تكون عادلة بالمقارنة مع التسويات التي شملت عناصر النظام السابق.


رؤيته ومواقفه
الشيخ المهدي استند في دعواته إلى نصوص دينية، مشيرًا إلى حديث النبي محمد: “وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًا”، مضيفًا أن التسامح يجب أن يشمل أولئك الذين آمنوا ووقفوا مع المجاهدين، قبل التركيز على التعامل مع أبواق النظام السابق. وعلى الرغم من تأثيره السابق في الهيئات الفصائلية، لا يحمل المهدي أي صفة رسمية في الحكومة الحالية، ولكنه واصل تأسيس مجالس دينية تتعلق بدراسة كتب التراث والحديث النبوي، غالبًا تحت رعاية وزارة الأوقاف.


يبقى عبد الرزاق المهدي شخصية مثيرة للجدل، بين دوره كشرعي سابق في “تحرير الشام”، ونشاطاته المستمرة في مجال الحراك الديني، ما يضعه في مواجهة مع التيارات الرسمية وغير الرسمية على الساحة السورية، ويطرح تساؤلات حول مدى تأثيره المستقبلي داخل المجتمع السوري والفصائل المسلحة.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 8