اجتمع رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان مع رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت، في خطوة سياسية وصفت بالمحورية في إطار التحضيرات لتشكيل حكومة إسرائيلية بديلة. ويأتي اللقاء في سياق تصاعد الضغوط الداخلية على الحكومة الحالية، وتفاقم الأزمات الأمنية والاقتصادية، فضلاً عن استمرار الحرب في قطاع غزة وتأثيرها على الاستقرار الداخلي.
يأتي الاجتماع بعد سلسلة من التوترات السياسية والأمنية التي شهدتها إسرائيل خلال الأشهر الماضية. فالأزمة في غزة والعمليات العسكرية المستمرة أعادت طرح مسألة كفاءة الحكومة الحالية وقدرتها على إدارة الصراعات، بينما أثارت قضايا التجنيد، الاقتصاد، والأمن الداخلي نقاشات واسعة بين مختلف الأحزاب السياسية.
ليبرمان، المعروف بمواقفه الحازمة تجاه قضايا الأمن والسياسة الخارجية، يسعى من خلال هذا الاجتماع إلى رسم خطوط عريضة لتوحيد المعارضة، فيما يظهر بينيت، الذي يمتلك خبرة سابقة في رئاسة الحكومة، قدرة على تقديم مقترحات عملية لإدارة الحكومة المستقبلية في حال نجاح التحالف الجديد.
الحرب في غزة: محور اللقاء
أولى الطرفان أهمية كبيرة لموضوع الحرب في غزة، حيث تم مناقشة عدة سيناريوهات محتملة:
تصعيد عسكري محدود أو شامل: مع مراعاة تداعياته على الأمن الداخلي وردود الفعل الدولية.
الوساطة الدولية والضغط السياسي: دراسة إمكانية الاستفادة من الوسطاء الدوليين للتوصل إلى اتفاق هدنة أو تبادل أسرى.
التأثير على الشارع الإسرائيلي: تقييم كيف تؤثر العمليات العسكرية على الرأي العام ودعم الحكومة الحالية.
ويعتقد محللون سياسيون أن استمرار الحرب قد يكون دافعًا لتوحيد المعارضة، خاصة إذا تصاعدت الانتقادات الشعبية لأداء الحكومة الحالية في إدارة الأزمة.
ملف الأسرى: حساسية سياسية واستراتيجية
الملف الأمني الآخر الذي استحوذ على اهتمام الطرفين هو قضية الأسرى الإسرائيليين لدى حماس:
تم استعراض الخطط التفاوضية المحتملة لاستعادتهم، مع دراسة سيناريوهات تبادل الأسرى أو الصفقة الشاملة.
تمت مناقشة تأثير أي إخفاق في الملف على مصداقية الحكومة البديلة وعلى معنويات الجيش الإسرائيلي.
أكد الطرفان على أن معالجة ملف الأسرى يجب أن تكون ضمن أولويات الحكومة القادمة لضمان ربط السياسة الداخلية بالأمن الوطني.
قانون التجنيد: التوازن بين الدين والسياسة
ناقش اللقاء تداعيات تعديل قانون التجنيد الإجباري، خاصة بالنسبة للأحزاب الدينية والمجتمع الأرثوذكسي:
ضرورة إيجاد حلول وسطية تحافظ على خصوصية المجتمع الديني دون المساس بالاحتياجات الأمنية للجيش.
دراسة أثر هذه السياسات على التحالفات الحزبية المستقبلية وعلى صورة الحكومة البديلة أمام الرأي العام.
الاقتصاد: تحديات أمام الحكومة البديلة
ناقش الطرفان الوضع الاقتصادي الحرج، بما في ذلك:
تداعيات الحرب على الأسواق المحلية والتجارة والاستثمارات.
ارتفاع معدلات التضخم والبطالة وتأثيرها على الاستقرار الاجتماعي.
وضع استراتيجيات لمواجهة الأزمات الاقتصادية وإعادة ثقة المستثمرين المحليين والدوليين في الحكومة القادمة.
الدعوة لتوحيد المعارضة
بعد الاجتماع، وجه ليبرمان رسالة إلى زعيم المعارضة يائير لابيد، دعا فيها إلى عقد اجتماع يضم رؤساء الأحزاب المعارضة لوضع "خطوط عريضة" للحكومة القادمة.
وأشار ليبرمان إلى أن توحيد المعارضة أصبح ضرورة عاجلة قبل الانتخابات العامة المقررة في أكتوبر 2026، مؤكدًا أن الوقت لم يعد يسمح بالانقسامات الداخلية. وفي الوقت نفسه، رفض كل من ليبرمان ولابيد مقترح بيني غانتس بالانضمام إلى حكومة نتنياهو المؤقتة، معتبرين أن المشاركة في الحكومة الحالية لا تحقق مصالح المعارضة ولا الأهداف الاستراتيجية المشتركة.
وفي سياق متصل، كان بيني غانتس، رئيس حزب "أزرق أبيض – الوحدة الوطنية"، قد دعا سابقًا إلى تشكيل حكومة مؤقتة لاستعادة الأسرى والانضمام إلى حكومة نتنياهو، لكن هذا الاقتراح قوبل بالرفض من قبل ليبرمان ولابيد، معتبرين أن المشاركة في الحكومة الحالية لا تخدم مصالح المعارضة أو تحقق الأهداف الاستراتيجية.
يعد لقاء ليبرمان وبينيت مؤشرًا واضحًا على بداية مرحلة جديدة في السياسة الإسرائيلية، حيث يسعى المعارضون لتوحيد جهودهم لتقديم بديل قادر على مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية والسياسية. ومع اقتراب الانتخابات، سيظل ملف تشكيل الحكومة البديلة محور اهتمام المراقبين، لما له من تأثيرات مباشرة على مسار السياسة الإسرائيلية في الفترة المقبلة.
تشهد إسرائيل منذ بداية العام 2025 حالة من التوترات المتصاعدة على عدة مستويات. على الصعيد الأمني، ما زالت الحرب في قطاع غزة مستمرة، مع تبادل متصاعد للهجمات بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، وهو ما أدى إلى تصاعد الضغوط على الحكومة الحالية برئاسة بنيامين نتنياهو، سواء داخليًا من قبل الشارع الإسرائيلي أو خارجيًا من قبل المجتمع الدولي.
على الصعيد الداخلي، تواجه الحكومة تحديات كبيرة تتعلق بالاقتصاد، حيث يشهد الاقتصاد الإسرائيلي تباطؤًا في النمو وارتفاع معدلات التضخم والبطالة، ما زاد من القلق الشعبي حول قدرة الحكومة على إدارة الملفات الاقتصادية والاجتماعية بشكل فعال.
أما على الصعيد السياسي، فقد برزت انقسامات واضحة بين الأحزاب المعارضة، خصوصًا فيما يتعلق باستراتيجية التعامل مع الحكومة الحالية ومسألة تشكيل بديل سياسي قادر على إدارة البلاد في حالة التغيير الحكومي. هذه الانقسامات حالت دون تحقيق توافق سريع على الرؤى والأولويات، وهو ما دفع بعض الأطراف إلى البحث عن قنوات للتنسيق المباشر بين قياداتها.
في هذا السياق، يظهر أفيغدور ليبرمان، رئيس حزب "إسرائيل بيتنا"، كشخصية محورية بين المعارضة، مع موقف واضح وحاسم تجاه القضايا الأمنية والسياسية. ويعتبر نفتالي بينيت، رئيس الوزراء السابق، عنصرًا استراتيجيًا آخر قادرًا على تقديم مقترحات عملية لإدارة الحكومة المستقبلية في حال نجاح تحالف المعارضة.
اللقاء بين ليبرمان وبينيت يأتي إذًا ضمن سلسلة من التحركات السياسية الرامية إلى توحيد المعارضة، ووضع خطوط عريضة لحكومة بديلة، في محاولة لاستباق الانتخابات العامة المقررة في أكتوبر 2026، والاستعداد للتعامل مع الملفات الأكثر حساسية على الساحة الإسرائيلية: الحرب في غزة، ملف الأسرى، قانون التجنيد، والأزمات الاقتصادية الداخلية.