خلفيات الدعم الأمريكي لإسرائيل وتحذيرات "هيومن رايتس"

متابعات _ وكالة أنباء آسيا

2025.08.27 - 08:35
Facebook Share
طباعة

يثير تقرير منظمة "هيومن رايتس ووتش" الأخير حول الدعم الأمريكي لإسرائيل في حرب غزة تساؤلات أعمق من مجرد رصد حجم المساعدات العسكرية.
فالقضية تتجاوز الأرقام المعلنة لتدخل في صلب النقاش القانوني والسياسي حول موقع واشنطن من النزاع فالمنظمة لم تكتفِ بالقول إن الولايات المتحدة تقدم سلاحًا أو تمويلًا، بل اعتبرت أن مستوى التنسيق الاستخباراتي والعملياتي جعلها "طرفًا مباشرًا" في الحرب، وهو توصيف ثقيل في القانون الدولي.

الخلفية الأساسية لهذا الموقف تعود إلى طبيعة المساعدة المقدمة فمنذ أكتوبر 2023، نقلت واشنطن مليارات الدولارات من الأسلحة، إلى جانب إشراف خبراء عسكريين وأفراد استخبارات على عمليات ميدانية، بعضها استهدف قادة من "حماس" مثل يحيى السنوار هذا النوع من الانخراط لا يُعد "دعماً غير مباشر"، بل مشاركة فعلية قد تُصنف كتواطؤ في جرائم حرب، خصوصًا في ظل التقارير المتكررة عن استهداف المدنيين والتجويع والتهجير القسري.

الأبعاد السياسية لهذا الملف لا تقل خطورة فصورة الولايات المتحدة كوسيط تقليدي بين الفلسطينيين والإسرائيليين تتآكل أمام اتهامات منظمات حقوقية بأنها جزء من آلة الحرب ذاتها.
مما يعمّق أزمة الثقة مع أي طرف فلسطيني أو عربي، ويضعف شرعية واشنطن في قيادة أي مبادرة للسلام أو التهدئة.

أما البعد القانوني، فهو الأكثر حساسية لإدارات بايدن وترامب معًا فالتقرير يشير إلى إمكانية ملاحقة أفراد أمريكيين – من عسكريين ومتعاقدين – إذا ثبت أنهم قدموا دعماً مباشراً لعمليات تشكل جرائم حرب.
هذه النقطة تعني أن الملف لم يعد مجرد قضية "سياسية" بل قضية قد تصل إلى المحاكم الدولية، بما يشكل سابقة محرجة لدولة دائمة العضوية في مجلس الأمن.

ومن زاوية استراتيجية، يمكن القول إن الولايات المتحدة راهنت على دعم عسكري مكثف لإسرائيل كوسيلة لضمان تفوقها الإقليمي، لكنها وجدت نفسها متورطة في حرب طويلة الأمد لم تحقق أهدافها المعلنة، بينما تضاعفت الاتهامات بانتهاك القانون الدولي.
هذه المفارقة تضع الإدارة الأمريكية أمام مأزق: الاستمرار في الدعم العسكري مع تحمل تبعاته، أو محاولة التراجع بشكل تدريجي مع ما يحمله ذلك من توترات مع تل أبيب.

تقرير هيومن رايتس لا يمثل مجرد "إدانة حقوقية"، بل يفتح بابًا واسعًا لإعادة تقييم دور واشنطن في النزاع، ويطرح سؤالًا محوريًا: هل تستطيع الولايات المتحدة أن تجمع بين كونها شريكًا عسكريًا لإسرائيل ووسيطًا سياسيًا مقبولًا في الوقت ذاته؟ 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 10