ما الأسباب وراء خطة باريس لتجهيز المستشفيات؟

متابعات _ وكالة أنباء آسيا

2025.08.27 - 08:33
Facebook Share
طباعة

كشفت تقارير صحف أوروبية وعبرية عن أن وزارة الصحة الفرنسية أصدرت توجيهات للقطاع الطبي بضرورة رفع جاهزية المستشفيات لاستقبال أعداد كبيرة من المصابين في حال نشوب نزاع مسلح واسع النطاق بحلول مارس 2026. هذه التوجيهات، وفق الوثائق المسربة، جاءت بالتنسيق مع الأمانة العامة للدفاع والأمن الوطني، وتتضمن خططًا لإنشاء مراكز طبية قريبة من محاور النقل الرئيسية لاستقبال الجنود وإعادة توجيههم إلى أوطانهم إذا اقتضت الحاجة.

هذه الخطوة تطرح عدة خلفيات أساسية. الأولى ترتبط بذاكرة الأزمات داخل فرنسا، حيث أظهرت تجربة جائحة كورونا ثغرات كبيرة في البنية الصحية، ما جعل السلطات أكثر حرصًا على الاستعداد المسبق لمختلف السيناريوهات، سواء صحية أو عسكرية. وزيرة الصحة كاترين فوتران ربطت ذلك بشكل مباشر بمفهوم "الوقاية" كمسؤولية أساسية للدولة.

الخلفية الثانية تتصل بالتوازن الاستراتيجي في أوروبا بعد ثلاثة أعوام من الحرب الأوكرانية. باريس مثل لندن تتحرك باتجاه تعزيز قدرات الطوارئ المدنية تحسبًا لأي توسع محتمل للصراع. هذا لا يعني توقعًا رسميًا لاندلاع مواجهة شاملة، لكنه يعكس إدراكًا متزايدًا داخل المؤسسات الأوروبية بأن المخاطر الأمنية باتت أكثر تعقيدًا مما كانت عليه قبل 2022.

أما البعد الثالث فيرتبط بالرسائل السياسية. فبينما يكرر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دعواته لإنهاء الحرب عبر التفاوض، فإن الإجراءات العملية تشير إلى أن الحكومة تأخذ في الاعتبار سيناريوهات أكثر تشددًا. إعداد مراكز قادرة على استقبال مئات الجرحى يوميًا خلال فترة زمنية محدودة يكشف أن الحديث يدور عن خطط عملياتية واضحة، وليست مجرد تقديرات نظرية.

التقرير الذي نشرته صحيفة عبرية يضع هذه التطورات في إطار أوروبي أشمل، حيث بدأت أكثر من دولة في إعادة تعريف مفهوم الأمن القومي ليشمل استعداد القطاع الصحي لمواجهة تبعات نزاعات عسكرية واسعة، وهو ما يعكس تحولًا في التفكير الاستراتيجي داخل القارة.

ربما أن الاستعدادات الفرنسية ليست إعلانًا عن حرب وشيكة، لكنها مؤشر على أن المؤسسات الأوروبية تتحرك وفق مبدأ "توقع الأسوأ"، خصوصًا مع استمرار حالة عدم اليقين بشأن مستقبل الحرب الأوكرانية وتداعياتها الإقليمية حتى عام 2026م. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 5