بين "الشرعنة" المحتملة لحماس..أصوات إسرائيلية ناقدة

متابعات _ وكالة أنباء آسيا

2025.08.27 - 08:10
Facebook Share
طباعة

يخيّم القلق على الأوساط الإسرائيلية من سيناريو متوقع بعد الحرب على غزة: أن تؤدي الضغوط الدولية والعربية إلى تشكيل حكومة تكنوقراط أو سلطة بديلة، لكن بقدرات ضعيفة، ما يفتح الباب أمام حركة حماس للتغلغل مجددًا عبر هذه الهياكل واستعادة نفوذها. هذا الاحتمال يُطرح بقوة في مراكز التفكير الإسرائيلية، إذ يرون أن أي صيغة انتقالية قد تتحول مع الوقت إلى غطاء سياسي جديد لحماس، دون أن يغير ذلك من أهدافها الأساسية.

الحرب التي بدأت في 7 أكتوبر لم تُنهِ وجود حماس، وانما أظهرت قدرتها على الصمود وإعادة ترتيب أوراقها فالحركة تدرك أن الحكم المباشر لقطاع غزة أثقل كاهلها بمسؤوليات اقتصادية وخدماتية، ولذلك فإن أي انسحاب جزئي من إدارة الشؤون اليومية قد يُنظر إليه كفرصة لإعادة التموضع كلاعب سياسي وعسكري في آن واحد. وفي هذا السياق، تتزايد التقديرات الإسرائيلية حول إمكانية إدماج حماس في منظمة التحرير الفلسطينية أو في حكومة تكنوقراط، الأمر الذي يُثير مخاوف إسرائيلية من أن يتحول إلى عملية "شرعنة" جديدة.

لكن المفارقة أن داخل إسرائيل نفسها تبرز أصوات ناقدة لهذه السياسات، لا من زاوية الخوف من حماس، بل من زاوية تحميل حكومتهم المسؤولية.
ففي صحيفة هآرتس، كتب جدعون ليفي مقالًا لاذعًا تساءل فيه بسخرية: "هل كان على محمود عباس أن يقول شكراً باسم 110 آلاف مواطن فلسطيني صاروا بلا مأوى؟ وباسم آلاف الأطفال الذين أصبحوا معاقين؟ وشكراً لأنكم دمّرتم محطة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة؟" هذا الخطاب يعكس إدراكًا متزايدًا بأن استمرار الحرب لا يضعف حماس، بل يرسخ المظلومية الفلسطينية ويعزز خطاب المقاومة.

تتقاطع هذه الأصوات النقدية مع التحذيرات الأمنية من زاوية مختلفة: فكلاهما يقرّ بأن حماس لن تختفي بعد الحرب، ستجد مسارات جديدة لتثبيت حضورها.
فبينما يخشى المحللون الإسرائيليون من عودتها عبر قنوات سياسية، يرى المعارضون داخل المجتمع الإسرائيلي أن فشل الحكومة في إيجاد حل سياسي وإنساني هو ما يمنح الحركة أرضية أقوى للبقاء.

من وجهة نظر فلسطينية، مجرد البقاء يعد انتصارًا، لأنه يضمن استمرار حماس كفاعل رئيسي في الساحة ويمنحها فرصة لاحقة للتمدد في الضفة الغربية. أما من منظور إسرائيلي، فإن تجاهل طبيعة الحركة المتغيرة قد يعني تكرار المواجهة معها، ولكن في شكل جديد.

هكذا يتحول الصراع من مجرد معركة عسكرية إلى معركة سرديات وإدراك: بين من يسعى لشرعنة حماس، ومن يحذر منها، وبين أصوات إسرائيلية ترى أن استمرار الحرب لا يجلب سوى دورة جديدة من الدماء والصراع. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 4 + 4