هل تستطيع واشنطن فرض "حل أميركي – إسرائيلي" لمستقبل غزة؟

وكالة أنباء آسيا

2025.08.27 - 08:08
Facebook Share
طباعة

في لحظة مفصلية من مسار الحرب على غزة، أعلن المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب سيترأس هذا الأسبوع اجتماعًا في البيت الأبيض لمناقشة "خطة شاملة لإدارة قطاع غزة بعد الحرب". الإعلان، الذي يأتي وسط أزمة إنسانية غير مسبوقة وضغوط دولية متصاعدة على إسرائيل، يُعد أول مؤشر ملموس على تحرك الإدارة الأميركية نحو رسم ملامح مرحلة ما بعد الصراع.


الاجتماع المقرر انعقاده في واشنطن سيضم شخصيات بارزة من الإدارة الأميركية، في مقدمتهم وزير الخارجية ماركو روبيو، إلى جانب دبلوماسيين إسرائيليين كبار. ويتوقع أن يناقش الحاضرون الخطوط العريضة لخطة تنهي الحرب "بأي وسيلة ممكنة" وفق تعبير ويتكوف، مع إشارة واضحة إلى أن واشنطن تريد التوصل إلى تسوية قبل نهاية العام الجاري.

المبعوث الأميركي شدد على أن إدارة ترامب لا تؤيد الاستمرار في صفقات التبادل الجزئية للرهائن، معتبرًا أن هذه الخطوة "غير مجدية" على المدى الطويل، وهو موقف يتماشى مع الخط الإسرائيلي الرافض لمزيد من الاتفاقات المرحلية مع حركة حماس.

 


تأتي هذه الخطوة في وقت تشير فيه التقديرات الأممية إلى مقتل أكثر من 62 ألف فلسطيني منذ اندلاع الحرب في أكتوبر 2023، فضلًا عن نزوح مئات الآلاف وتدمير البنية التحتية الأساسية في القطاع. الضغوط الدولية على واشنطن تتزايد، ليس فقط بسبب الدعم العسكري والسياسي لإسرائيل، بل أيضًا لغياب أي رؤية أميركية واضحة لإنهاء المأساة الإنسانية.

من هنا يبدو أن البيت الأبيض يسعى لتقديم نفسه كطرف قادر على رسم "خريطة طريق" لما بعد الحرب، في محاولة لإعادة الإمساك بخيوط الملف بعد أن بدت واشنطن لعدة أشهر عاجزة عن ضبط إيقاع الأحداث.


من التصريحات المثيرة للجدل إلى البحث عن خطة عملية

لم يكن طرح ترامب لقضية غزة جديدًا. ففي فبراير الماضي، أثار الرئيس الأميركي عاصفة من الانتقادات حين تحدث عن "خطة" تقضي بإعادة توطين سكان القطاع في دول عربية وتحويل غزة إلى "واجهة سياحية"، وهي تصريحات اعتُبرت أقرب إلى تهجير قسري منها إلى رؤية سياسية قابلة للتطبيق.

بالمقابل، سعت عدة دول عربية – من بينها مصر وقطر والأردن والسعودية – إلى تقديم مبادرات موازية، ركزت على إعادة الإعمار وتقوية السلطة الفلسطينية كإطار إداري بديل عن حركة حماس. غير أن هذه المبادرات واجهت عراقيل سياسية كبيرة، في ظل الرفض الإسرائيلي لأي صيغة تُعيد للسلطة الفلسطينية موطئ قدم حقيقي في القطاع.

 


الاجتماع الأميركي – الإسرائيلي لا يمكن عزله عن التوازنات الإقليمية الأوسع. فتركيا وقطر، اللتان تلعبان دورًا في المفاوضات الإنسانية، تراقبان بقلق أي خطوة قد تؤدي إلى فرض "حل أميركي – إسرائيلي" يتجاوز وساطاتهما. كذلك، فإن مصر والأردن اللتين تتحملان العبء الأكبر من تداعيات الحرب على حدودهما، ستطالبان بأن تكونا جزءًا من أي رؤية مستقبلية لغزة.

أما على المستوى الدولي، فإن واشنطن تواجه ضغوطًا متزايدة من الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، خاصة مع تزايد الحديث عن إمكانية فتح ملفات جرائم الحرب أمام المحاكم الدولية، وهو ما يضع الإدارة الأميركية في موقف حرج، ويجعلها مضطرة للبحث عن مخرج سياسي يحمي حليفتها إسرائيل.


خطوة رمزية أم بداية تحول؟

رغم أن الاجتماع المرتقب قد لا يسفر عن خطة واضحة المعالم، إلا أن مجرد ترؤس ترامب له يكشف عن إدراك أميركي بأن استمرار الحرب بلا أفق يُهدد مكانة واشنطن ومصالحها في المنطقة.

يبقى السؤال: هل ستتحول هذه المناقشات إلى "خطة واقعية" توازن بين الأمن الإسرائيلي وحقوق الفلسطينيين في العودة والإعمار، أم أنها مجرد محاولة جديدة لكسب الوقت وامتصاص الضغوط الدولية؟

الأرجح أن البيت الأبيض يحاول اختبار الأرضية لطرح "اتفاق إطار" قبل نهاية العام، لكن نجاحه سيعتمد على قبول الأطراف الإقليمية، وعلى قدرة واشنطن في فرض توازن جديد يوقف النزيف الإنساني والسياسي الذي يعيشه القطاع منذ قرابة عامين.


 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 3