الموفد الأمريكي يربط مستقبل لبنان بنزع سلاح حزب الله

بيروت- وكالة أنباء آسيا

2025.08.26 - 01:47
Facebook Share
طباعة

وسط توتر مستمر في المنطقة، شهد لبنان زيارة مهمة لوفد من الكونغرس الأمريكي برئاسة السيناتور ليندسي غراهام والموفد الخاص إلى سوريا توماس براك، برفقة نائبة الموفد مورغان أورتاغوس. الزيارة، التي شملت لقاءات مع الرئيس اللبناني جوزيف عون، ركزت على مستقبل لبنان واستقرار المنطقة، وخصوصاً ملف نزع سلاح حزب الله والفصائل المسلحة الأخرى، والعلاقات مع إسرائيل وسوريا. تأتي هذه الزيارة في وقت حساس يحاول فيه لبنان مواجهة تحديات سياسية وأمنية واقتصادية، وسط ضغوط دولية واضحة لتقييد السلاح غير الرسمي في البلاد.


زيارة الوفد الأمريكي إلى لبنان تسلط الضوء على استراتيجية واضحة ترتكز على نزع السلاح غير الرسمي قبل أي تسوية إقليمية مع إسرائيل، وهو ما يعكس توجهاً أميركياً يعتمد على خطوات متدرجة وتعاون لبناني داخلي ودعم خارجي للجيش اللبناني. الرسائل الأمريكية، سواء من غراهام أو شاهين أو براك، تتفق على أن استقرار لبنان الاقتصادي والسياسي مرهون بتحييد حزب الله والفصائل المسلحة، وأن أي تقدم دبلوماسي أو أمني سيكون مشروطاً بهذه الخطوة. في المقابل، فإن إشارات التعاون الإيجابية مع سوريا تعزز من فرص الاستقرار الإقليمي، وهو ما قد يمهد الطريق لحوار لبناني–إسرائيلي أكثر وضوحاً ومرونة في المستقبل.

 

أكد غراهام أن نزع سلاح حزب الله يأتي من إرادة الشعب اللبناني، مشيراً إلى أن أجندة الحزب لا تتوافق مع مصالح لبنان وتعيق ازدهاره. وأضاف أن أي حوار مع إسرائيل سيكون مشروطاً بخطوة لبنان الحاسمة في نزع سلاح الحزب والفصائل الفلسطينية، مشدداً على أن لبنان لن يتمكن من التقدم ما لم يتم تنفيذ هذه الخطوة. واعتبر غراهام أن الوضع يمثل "أكبر تغيير في تاريخ لبنان"، مؤكداً دعم الولايات المتحدة للحفاظ على التنوع الديني وتعزيز الاستقرار في البلاد.


من جانبها، قالت رئيسة الوفد الأمريكي جاين شاهين إن دعم واشنطن لنزع سلاح حزب الله أمر حاسم، وإن الجيش اللبناني يظهر رغبة واضحة في تنفيذ هذه الخطوة. وأوضحت شاهين أن الولايات المتحدة ليست هنا لمناقشة موقف إسرائيل، بل لدعم الحكومة اللبنانية وتمويل الجيش في حال التزامها بتنفيذ خطة لحصر السلاح، معربة عن تفهمها لصعوبة العملية، لكنها شددت على أهميتها للحفاظ على استقرار البلاد.


أكد براك خلال مؤتمر صحفي أن الهدف هو تجنب أي حرب أهلية في لبنان، مشدداً على أن لا أحد يريد اقتتالاً داخلياً، وأن هناك إشارات إيجابية من الجانبين اللبناني والإسرائيلي. وأوضح أن أي انسحاب إسرائيلي من جنوب لبنان سيكون مرتبطاً بخطوات جدية لنزع سلاح حزب الله، مؤكداً على الالتزام المشترك: كل خطوة لبنانية ستقابل بخطوة مماثلة من إسرائيل. وأضاف أن الحكومة اللبنانية ستقدم خطة لنزع السلاح في 31 أغسطس، مشيراً إلى أن العملية لن تكون بالضرورة عسكرية. كما أعلن براك التمديد لقوات اليونيفيل لسنة إضافية لضمان الاستقرار على الحدود.


وأشار براك إلى أن الرئيس السوري أحمد الشرع يسعى لعلاقات تعاون إيجابية مع لبنان، دون رغبة في توتر أو عداء، ويطمح إلى التوصل لاتفاق لترسيم الحدود. وأكد أن الرئيس اللبناني جوزيف عون يشارك نفس الرغبة في تعزيز العلاقات الإيجابية والمفيدة مع دمشق، بما يضمن الاستقرار الإقليمي ويجنب لبنان أي صدامات خارجية.

 


يُعتبر حزب الله أحد أبرز الفاعلين السياسيين والعسكريين في لبنان، ويُعرف بدوره كمقاومة ضد الاحتلالات والهجمات على الأراضي اللبنانية. امتلاك الحزب لسلاحه مرتبط بمفهوم المقاومة والدفاع عن لبنان، وهو جزء من التوازنات السياسية والأمنية الداخلية، ويؤثر على ملف الاستقرار والحوارات الإقليمية. ومع ذلك، يواجه لبنان تحديات كبيرة في إدارة هذه التوازنات، خصوصاً في ظل الأزمات السياسية والاقتصادية المستمرة، التي تجعل ضبط السلاح غير الرسمي داخل الدولة أمراً معقداً وحساساً.

أي خطوات تتعلق بحصر السلاح أو تنظيمه تهدف إلى تعزيز قدرة الدولة على تأمين الحدود وحماية السيادة الوطنية، مع مراعاة الواقع السياسي والميداني لكل الفصائل، بما فيها فصائل المقاومة. ومن هنا يبرز دور المجتمع الدولي، إذ تسعى الولايات المتحدة وبعض الجهات الدولية لدعم الجيش اللبناني وتمكينه من تنفيذ خطط حصر السلاح ضمن مؤسسات الدولة، بما يضمن استقرار البلاد ويحافظ على التوازنات الداخلية دون المساس بالواقع الأمني والسياسي المعقد.

التحديات لا تقتصر على الداخل اللبناني، بل تتجاوز إلى الحدود مع إسرائيل، حيث تشهد المنطقة توترات تاريخية، ويعتبر وجود مقاومة مسلحة جزءاً من المشهد الأمني المتشابك. وبالتالي، فإن أي خطوات لتعزيز الاستقرار الداخلي تتطلب تنسيقاً وحواراً تدريجياً مع الأطراف الإقليمية، مع مراعاة مصالح الدولة اللبنانية وقدرتها على حماية حدودها ضمن إطار التوازنات الأمنية والسياسية القائمة.

إضافة إلى ذلك، ترتبط لبنان وسوريا بعلاقات تاريخية وسياسية وأمنية معقدة تشمل مسائل الحدود والتعاون الاقتصادي والسياسي. وأي تقدم في العلاقات بين البلدين لا يمكن فصله عن السياق الداخلي اللبناني، حيث يلعب دور الفصائل المسلحة جزءاً من الواقع الوطني والأمني، ما يجعل التنسيق بين الدولة والفصائل ضرورياً لضمان استقرار العلاقة الثنائية.

في نهاية المطاف، يتأثر الوضع اللبناني بشكل كبير بالتوازنات الإقليمية، إذ تؤثر السياسات الإقليمية والدولية على القرارات الداخلية والخطط الحكومية المتعلقة بالأمن والسيادة. ولذلك، فإن تعزيز الاستقرار في لبنان يتطلب تنسيقاً مستمراً بين الدولة وفصائل المقاومة، إضافة إلى حوار نشط مع الأطراف الإقليمية والدولية، لضمان بيئة مستقرة تسمح بالتنمية والحفاظ على الأمن والسيادة الوطنية.

 

 

 

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 4