نظام الدفع الإلكتروني في لبنان… بين الوعود والواقع

2025.08.25 - 04:46
Facebook Share
طباعة

 تعمل وزارة المالية اللبنانية حاليًا على إعداد مشاريع قوانين تهدف إلى الحد من اقتصاد "الكاش"، من خلال تنظيم سوق الصيرفة للدولار مقابل الليرة اللبنانية. الهدف الأساسي هو تمكين المواطنين من تسديد مستحقاتهم المالية، مثل الضرائب ورسوم التسجيل والفواتير، مباشرةً عبر البطاقات المصرفية، دون الحاجة للاعتماد على المعاملات النقدية التقليدية أو الوسطاء.

وفق الآلية المقترحة، سيدفع المواطنون بالدولار الأمريكي باستخدام بطاقاتهم المصرفية، حيث تُحوَّل المبالغ مباشرة إلى مصرف لبنان قبل صرفها بالليرة، ما يختصر خطوات التحويل التقليدية ويقلل من التلاعب أو التبديد. كما سيتم اعتماد نظام الدفع الإلكتروني عبر ماكينات الدفع في وزارة المالية، الدوائر العقارية، مراكز النافعة، وفي مختلف المحافظات اللبنانية، بما يتيح خدمة متكاملة لكل المواطنين.

 

فوائد الدفع الإلكتروني

يرى المستشار في شؤون تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، عامر طبش، أن إدخال نظام الدفع الإلكتروني يشكل خطوة أساسية نحو تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد. ويشير طبش إلى أن النظام يقلل الاعتماد على النقد المباشر بين المواطنين وجابي الرسوم، ما يقلل فرص الرشاوى والتلاعب ويضمن تسجيل كل المعاملات بشكل موثق وشفاف، بحيث يسدد المواطن فقط ما يوجب عليه فعليًا.

كما يساهم النظام في تسريع الإجراءات، حيث لم يعد المواطن مضطرًا للانتظار لساعات في الطوابير أمام الوزارات أو الدوائر العقارية. فالدفع الإلكتروني يسمح بتسديد المستحقات بسرعة ومن أي مكان، دون الحاجة إلى وسطاء، ويتيح توحيد جميع المعاملات المالية في تطبيق واحد فقط، يشمل فواتير الكهرباء والماء والضرائب والمعاملات الهاتفية.

ويضيف طبش أن النظام يقلل الحاجة إلى شراء العملات الأجنبية وطباعة الليرة، ويوفر راحة وأمانًا للمواطنين مع إيصالات رقمية قابلة للرجوع إليها، إضافة إلى تمكين الدولة من جمع الإيرادات مباشرة وبشكل لحظي لدى مصرف لبنان، بدل الانتظار لعدة أيام لإتمام التحصيل بالطريقة التقليدية.

 

التحديات التقنية واللوجستية

في المقابل، تواجه عملية التنفيذ عدة تحديات. أولًا، تحتاج مؤسسات القطاع العام إلى تجهيزات أساسية تشمل إنترنت سريع، أجهزة كمبيوتر وسيرفرات متطورة، وخوادم لضمان عمل النظام بكفاءة، ما قد يفرض تكاليف كبيرة على الدولة. ثانيًا، سيتطلب الأمر تأهيل الموظفين القائمين على المعاملات التقليدية لتعلم استخدام الأنظمة الرقمية والتكيف معها، مع تقليص بعض الوظائف اليدوية.

كما يشكل الأمن السيبراني تحديًا مهمًا، خصوصًا في ظل التهديدات الإقليمية وإمكانية اطلاع جهات خارجية على المعلومات. لذلك، ينصح بإنشاء شبكة سيبرانية واسعة لحماية بيانات المواطنين، مع الالتزام بمعايير التشفير والبروتوكولات العالمية مثل CCL وPCIDSS. كما يُنصح بتفعيل خاصية التحقق بخطوتين (2FA) لحماية الحسابات وضمان سلامة المعاملات.

 

خطوات تدريجية للتنفيذ

أشار طبش إلى أن النظام سيتم تطبيقه تدريجيًا، بدءًا من المدن الكبرى، ثم الانتقال إلى المناطق الريفية والجبال، مع إنشاء مركزية لدى مصرف لبنان لمراقبة كل العمليات المالية وضمان التدفق المالي والكشف عن أي تلاعب محتمل.

 

الخلاصة

يبقى نظام الدفع الإلكتروني في لبنان وعدًا يُنتظر تحقيقه، مع توقعات بأن يكون له أثر كبير على تعزيز الشفافية، تسريع الإجراءات، وتسهيل حياة المواطنين، لكنه يواجه تحديات تقنية ولوجستية وأمنية تحتاج إلى تخطيط دقيق، وتمويل مناسب، وحملات توعية مكثفة لضمان نجاحه. السؤال يبقى: هل سيبصر هذا النظام النور قريبًا ويغير معادلة الدفع في لبنان بشكل فعلي، أم سيظل حبرًا على ورق؟

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 9