هل يسعى غانتس لإنقاذ إسرائيل أم لإنقاذ حزبه؟

متابعات _ وكالة أنباء آسيا

2025.08.25 - 04:34
Facebook Share
طباعة

في الوقت الذي يزداد فيه الضغط الشعبي بسبب ملف المخطوفين في غزة، طرح بيني غانتس مبادرة أثارت جدلاً واسعاً في المشهد الإسرائيلي، تقوم على تشكيل حكومة طوارئ تضم نتنياهو ويائير لابيد وأفيغدور ليبرمان.
هذه الدعوة انقسمت حولها المواقف بين من رأى أنها خطوة شجاعة تضع “إسرائيل فوق كل اعتبار”، وبين من اعتبرها محاولة للهروب من مأزق سياسي يهدد حزب غانتس نفسه.
وسائل الإعلام العبرية سلطت الضوء على هذه الجدلية باعتبارها انعكاساً للأزمة العميقة التي تمر بها إسرائيل منذ أشهر.

ملف المختطفين ظل منذ السابع من أكتوبر أحد أكثر الملفات إلحاحاً على الحكومة الإسرائيلية، حيث تمارس العائلات ضغوطاً متزايدة، بينما الشارع يرى أن الوقت ينفد والحكومة تبدو عاجزة عن تقديم حلول ملموسة، في هذا السياق، أبرزت وسائل إعلام مثل موقع Ynet أن خطاب غانتس الأخير حاول استثمار هذا الشعور العام، إذ تحدث بلهجة عاطفية عن صور المخطوفين، وعن معاناة والدته الناجية من الهولوكوست، ليقدم نفسه كقائد يضع الدولة فوق الحسابات السياسية الضيقة. لكن من الصعب فصل هذه المبادرة عن الحسابات الحزبية، فقد أظهرت استطلاعات الرأي أن حزب “أزرق أبيض” يواجه خطر عدم تجاوز نسبة الحسم، وهو ما يجعل أي مبادرة سياسية فرصة لإعادة التموضع بعد التراجع الكبير الذي أصابه، خاصة إذا ما قورن وضعه الحالي بما كان عليه خلال فترة حكومة كورونا حين امتلك أكثر من ثلاثين مقعداً.

وسائل الإعلام العبرية لفتت أيضاً إلى أن مبادرة غانتس جاءت في ظل تصدعات داخل ائتلاف نتنياهو فقد عبرت شخصيات بارزة مثل الوزيرة جيلا جملئيل عن ضيقها من تهديدات شركاء نتنياهو الأكثر تطرفاً مثل بن غفير وسموتريتش، ما جعل رئيس الحكومة محاصراً بين ضغوط اليمين المتشدد وبين المطالب الشعبية المتزايدة بإيجاد حل لملف غزة.
في هذا المناخ، ظهرت مبادرة غانتس كوسيلة لتوفير ما وصفه مساعدوه بـ“شبكة أمان داخلية” تمنح نتنياهو مساحة مناورة بعيدة عن ابتزاز حلفائه، وإن كان ذلك يعني منحه شريان حياة سياسي في وقت حساس. لذلك لم يكن غريباً أن يهاجم أفيغدور ليبرمان الفكرة واصفاً إياها بأنها مشهد مؤسف لأنها تضمن بقاء نتنياهو في السلطة.

الانقسام حول هذه الدعوة يعكس التوتر العميق في السياسة الإسرائيلية، فالمؤيدون ينظرون إليها كخطوة شجاعة تكسر الجمود السياسي وتضع قضية المخطوفين فوق كل اعتبار، بينما يرى المعارضون أنها مغامرة تهدف بالأساس لإنقاذ حزب آخذ في التلاشي، وتمنح في الوقت نفسه نتنياهو فرصة جديدة للاستمرار. الصحافة العبرية شددت على أن إسرائيل تمر بمرحلة لا تحتمل الانتظار حتى الانتخابات المقبلة في الربيع، وأن أي تحرك في هذه اللحظة لا يمكن فصله عن توازنات دقيقة تجمع بين الضرورات الأمنية والحسابات الحزبية.

في المحصلة، تعكس مبادرة غانتس معضلة مزدوجة: فهي من جهة تبدو كخطوة وطنية تسعى لإنقاذ إسرائيل من حالة الشلل السياسي الذي تعيشه منذ السابع من أكتوبر، لكنها من جهة أخرى يمكن قراءتها كمحاولة لإنقاذ حزب فقد الكثير من زخمه.
الإعلام العبري عرض هذه القراءتين معاً، وهو ما يوضح أن الأزمة أعمق من مجرد خلاف حزبي عابر وبين الضغوط الإنسانية لعائلات المخطوفين، والانقسامات داخل الحكومة، والتراجع في ثقة الشارع، تبدو إسرائيل عالقة في مرحلة سياسية غير مستقرة، حيث كل مبادرة تُقرأ في الوقت ذاته كعمل وطني وكحساب حزبي في آن واحد. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 2