تدريب سوريون على أساليب كوماندوس تركية
سامر الخطيب
تستعد تركيا لخطوة عسكرية غير مسبوقة على صعيد التعاون مع سوريا، من خلال تدريب تشكيلات تابعة لوزارة الدفاع السورية بهدف بناء جيش جديد قادر على مواجهة التحديات الأمنية في المنطقة. وتأتي هذه الخطوة بعد توقيع البلدين اتفاقية للتدريب والاستشارات العسكرية، تعكس تحركًا استراتيجيًا تركيًا لتوسيع نفوذها العسكري والتدريبي خارج حدودها.
ووفقًا لمعلومات نقلتها صحيفة "يني شفق" التركية، ستقوم القوات المسلحة التركية بتقديم تدريبات مكثفة للجنود السوريين، توازي تلك التي يتلقاها الجنود الأتراك في وحدات الكوماندوس والمشاة. وسيتم استقدام الجنود السوريين إلى تركيا في إطار برنامج الاتفاقية، الموقعة في منتصف آب الجاري، لتلقي التدريب الأساسي والمتقدم، قبل أن يتم نقلهم لاحقًا لتلقي تدريبات إضافية داخل سوريا.
تدريب متعدد المراحل ومركز مخصص
المصادر العسكرية التركية أكدت أن التدريب سيكون منظمًا بدقة عالية، بحيث يشمل جميع جوانب التأهيل العسكري، بدءًا من المهارات القتالية الفردية ووصولًا إلى التدريب الجماعي على أساليب الحرب الحديثة. ومن المخطط أن يستمر التدريب في مركز شيرين يول بولاية هاتاي جنوب تركيا، وهو المكان الذي استخدم سابقًا لتدريب عناصر الجيش السوري الحر، حيث تلقوا التعليم العسكري الأساسي ضمن بيئة مغلقة توفر لهم الطعام والشراب والإقامة والتدريب المكثف.
وبحسب المصادر نفسها، فإن الهدف من هذا التدريب ليس مجرد تعليم الأساليب القتالية، بل إعداد جنود قادرين على قيادة تشكيلات متكاملة بعد العودة إلى سوريا، بما يشمل تطبيق استراتيجيات الحرب الحديثة وإدارة الوحدات العسكرية بشكل فعال.
أكاديميات عسكرية على نمط عالمي
تركيا تسعى أيضًا إلى تأسيس أكاديميات عسكرية متكاملة داخل سوريا، تشمل أكاديمية للضباط وأخرى لضباط الصف، على غرار ما طبقته في كل من الصومال وليبيا. وستتيح هذه الأكاديميات للطلاب العسكريين السوريين الفرصة لتلقي تدريب متقدم داخل تركيا، ثم مواصلة التعليم العسكري والتدريبي في بلدهم. بعد التخرج، سيعود هؤلاء الضباط الشباب لتولي مهامهم ضمن الجيش السوري، مزودين بمهارات حديثة وأساليب قتالية متطورة.
زيارة قادة سوريين مؤخرًا للأكاديميات الحربية التركية – البرية والبحرية والجوية – تؤكد جدية التعاون بين البلدين، وتوضح أن التدريب لا يقتصر على المشاة أو الكوماندوس، بل يشمل جميع فروع القوات المسلحة. وستخصص حصص محددة للقبول في الأكاديميات، لضمان تأهيل كادر عسكري مؤهل قادر على إدارة الوحدات العسكرية بكفاءة عالية بعد العودة إلى سوريا.
خطط مستقبلية للتعاون العسكري
المصادر التركية أكدت أن الاتصالات على أعلى المستويات ستتوسع في الفترة المقبلة، مع توقع زيارات قريبًا لقادة القوات البحرية والجوية السورية إلى تركيا، بهدف مناقشة جدول التدريب المشترك والتنسيق على كافة المستويات. وفي حال طلبت سوريا، هناك خطط لإنشاء مركز تدريب مشترك على أراضيها، جاهز للتفعيل فور الحصول على الموافقة الرسمية.
هذا البرنامج يعكس تحولًا استراتيجيًا في العلاقات العسكرية بين البلدين، حيث توفر تركيا خبرتها وتجهيزاتها العسكرية لرفع مستوى التدريب السوري، مع إمكانية تأهيل جيش متكامل قادر على تنفيذ مهام وطنية وعسكرية في الداخل السوري، وتطبيق استراتيجيات متقدمة على صعيد الأمن الإقليمي.
تبعات محتملة
يأتي هذا التعاون في وقت حساس إقليميًا، حيث يسعى الطرفان إلى تعزيز القدرات العسكرية معًا، وهو ما قد يغير موازين القوى على الأرض. وإلى جانب التدريب العسكري، يعكس هذا الاتفاق رغبة تركيا في بناء نفوذ استراتيجي طويل الأمد داخل سوريا، يستند إلى تأهيل الكوادر العسكرية وتأمين تحالفات مستدامة بين البلدين.
