الهجري يقود السويداء نحو الإقليم المنفصل.. حماية الطائفة أم تحدي الدولة؟

السويداء – وكالة أنباء آسيا

2025.08.25 - 03:11
Facebook Share
طباعة

في خطوة سياسية وأمنية غير مسبوقة، طالب حكمت الهجري، أحد شيوخ عقل الطائفة الدرزية في محافظة السويداء، اليوم الاثنين، شرفاء العالم والدول الحرة بالوقوف مع الطائفة الدرزية لإعلان إقليم منفصل في جنوب سوريا. تأتي هذه الدعوة في سياق توتر متصاعد داخل محافظة السويداء، بعد موجة من العنف والخلافات الداخلية، وهو ما يعكس محاولة الطائفة لفرض نفسها كقوة سياسية وعسكرية محلية.

الهجري، خلال اجتماع عقد في دارته ببلدة قنوات، بحضور قيادات الطائفة والعديد من الفصائل المسلحة، أكد أن الخطوة الجديدة تأتي بعد محنة عميقة تعرضت لها الطائفة الدرزية في سوريا، واصفًا تلك الأحداث بأنها كانت تهدف إلى "إبادتهم بالكامل". وقال:

"مشوارنا بدأ بعنوان جديد بعد المحنة الأخيرة التي كان القصد منها إبادة الطائفة الدرزية في سوريا. نحن دعاة سلام ولسنا دعاة شر.. لكن من حقنا الدفاع عن أنفسنا، فما حصل مؤخراً كان هجمة بربرية ووحشية علينا".

 

وفي إطار توحيد الصفوف وفرض السيطرة المحلية على الوضع الأمني، أعلن الهجري عن إنشاء الحرس الوطني الدرزي واللجان القانونية المساندة له، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة تهدف لضمان استقرار السويداء وحماية الطائفة. وأكد على أن نجاح هذه الترتيبات يتطلب ضمانة دولية، في إشارة إلى الرغبة في الحصول على دعم خارجي لحماية المكتسبات الأمنية والسياسية للطائفة الدرزية.

كما شكر الهجري الدول التي دعمت دروز سوريا، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، بالإضافة إلى شكر دروز إسرائيل، ما يعكس توجهه نحو تحالفات إقليمية ودولية لتعزيز موقف الطائفة في مواجهة أي تهديدات.

 

الأسبوع الماضي، شهدت السويداء خطوة عملية لتعزيز المشروع الجديد للطائفة، حيث أعلن 30 فصيلاً مسلحًا اندماجهم ضمن "الحرس الوطني في السويداء"، خلال فيديو مصور حضره الهجري شخصيًا. وأكدت الفصائل التزامها المطلق بقرارات الهجري واعتباره الممثل الشرعي للطائفة الدرزية في المحافظة، ما يعكس رغبة واضحة في توحيد القوة العسكرية المحلية تحت قيادة مركزية.

ويشير هذا التحرك إلى تصعيد واضح في دور الطائفة الدرزية، الذي لم يعد يقتصر على الدفاع الذاتي عن المجتمعات الدرزية، بل يمتد إلى محاولة السيطرة على الأرض وإدارة الأمن المحلي بشكل مستقل عن الدولة السورية.

 


تأتي دعوة الهجري لإعلان إقليم منفصل في جنوب سوريا في وقت حساس، إذ يواجه النظام السوري تحديات أمنية متعددة في المناطق الجنوبية. ويشكل هذا التحرك تحديًا مباشرًا لسيادة دمشق، خصوصًا مع إشارة الهجري إلى ضمانات دولية ودعم من الولايات المتحدة وإسرائيل، الأمر الذي قد يُفسر على أنه محاولة لكسب غطاء دولي لمشروع الطائفة الدرزية في المنطقة.

كما يحمل هذا التحرك رسائل واضحة إلى الفصائل المسلحة الأخرى في جنوب سوريا، بأن الطائفة الدرزية قادرة على تنظيم نفسها داخليًا وتحقيق استقلالية نسبية في إدارة شؤونها. وهو ما قد يؤدي إلى تعقيد المشهد الأمني والسياسي في المنطقة، وزيادة احتمالات الصدامات المستقبلية مع الجهات الحكومية والفصائل الأخرى.

 


الطائفة الدرزية في سوريا تتركز أساساً في محافظة السويداء وتعد من الطوائف الصغيرة ذات الطابع العشائري. تاريخيًا، حافظت على استقلالية اجتماعية وسياسية محدودة، لكنها لم تُعزل عن الصراعات الإقليمية والداخلية. خلال الحرب السورية، تعرضت الطائفة للعديد من الهجمات التي استهدفت وجودها وأمنها المجتمعي، ما دفعها إلى تعزيز دفاعاتها المحلية، سواء عبر الفصائل المسلحة أو الهيئات القانونية والسياسية الداخلية.

ويعتبر الحرس الوطني الدرزي الجديد خطوة لتوحيد هذه الفصائل تحت قيادة واحدة، ومنحها دورًا رسميًا في الإشراف على الأمن المحلي، ما يشير إلى تحول الطائفة من مجتمع محافظ ومكتفٍ ذاتيًا إلى قوة محلية منظمة قادرة على التدخل العسكري والسياسي في المحافظة.

 


سياسيًا: قد يؤدي إعلان إقليم منفصل إلى تفاقم التوتر بين الطائفة الدرزية والدولة السورية والفصائل الأخرى في جنوب سوريا، مع احتمال نشوء نزاعات حول السيطرة على الأراضي والمناطق الحيوية.

أمنيًا: توحيد الفصائل المسلحة تحت قيادة الهجري سيعزز قدرات الطائفة على فرض الأمن محليًا، وربما الدخول في صراعات مع أطراف مسلحة أخرى.

إقليميًا ودوليًا: إشارات الدعم الأمريكي والإسرائيلي تُظهر أن الطائفة قد تستفيد من تحالفات خارجية لضمان مكتسباتها، ما قد يعقد الموقف الدبلوماسي للنظام السوري.

 

تحرك حكمت الهجري في السويداء يمثل مرحلة جديدة في تاريخ الطائفة الدرزية بسوريا، إذ يجمع بين البعد السياسي والعسكري والاجتماعي، ويشير إلى رغبة الطائفة في تأمين استقلاليتها وحماية وجودها في مواجهة التهديدات الخارجية والداخلية.

ويعد الحرس الوطني الدرزي أداة مركزية في هذه الاستراتيجية، التي تسعى لتوحيد الفصائل المسلحة، فرض السيطرة على الأرض، والحصول على غطاء دولي، بما يفتح الباب لتحديات جديدة على صعيد الأمن والسياسة في جنوب سوريا.


 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 6