يطرح الكاتب الإسرائيلي إيهود بيليج في صحيفة معاريف قضية أساسية تتعلق بما وصفه بـ"المرض المزمن" في إدارة المؤسسات والمجتمع داخل إسرائيل، والمتمثل في غياب التفكير طويل المدى لصالح حسابات آنية قصيرة الأجل. ويشير بيليج إلى أن هذا النمط في اتخاذ القرار أدى إلى هشاشة المجتمع الإسرائيلي وتقويض الجبهة الداخلية أمام التحديات الكبرى.
تعود جذور المشكلة إلى اعتماد السياسة الإسرائيلية على حلول مؤقتة تركز على الرأي العام اللحظي، بدلاً من الاستثمار في استراتيجيات بعيدة المدى، سواء على المستوى الأمني أو الاجتماعي.
ويبرز ذلك في الإخفاقات المتكررة في تحصين المنازل من الصواريخ، وضعف منظومة الدعاية الرسمية، وتأخر تجنيد الحريديم، واعتماد استراتيجيات حرب طويلة تستنزف الموارد البشرية والاقتصادية على حد سواء.
ويرى الكاتب أن هذه الممارسات لا تقتصر آثارها على المجال العسكري، بل تؤثر أيضًا على التماسك الاجتماعي. الانقسامات السياسية والتحريض المتبادل تغذي ضعف المجتمع الداخلي، وتؤدي إلى فقدان الثقة بين الجمهور وقيادته، ما يقلل قدرة الدولة على تعبئة المواطنين في أوقات الأزمات. كما يشدد بيليج على أن التفكير قصير المدى يربط سلوك الأفراد فقط بالمكاسب الفورية، متجاهلاً العلاقة بين السلوك الفردي ومستوى المناعة الوطنية للمجتمع ككل.
التداعيات تتجاوز الجوانب الأمنية، لتشمل الاقتصاد والروح الوطنية ما يصفه الكاتب بـ"اقتصاد الذخيرة البشرية" في الحرب يؤدي إلى إنهاك الجنود والاحتياطيات العسكرية والأسر، ويضعف قدرة الدولة على الاستمرار في مواجهة تحديات طويلة المدى. ويشير بيليج إلى أن هذه السياسات تجعل الحاضر والمستقبل الإسرائيليين مهددين بالمخاطر نتيجة اتخاذ قرارات مؤقتة، بدلًا من التخطيط الاستراتيجي المدروس.
أن غياب التفكير بعيد المدى في إسرائيل لا يشكل تهديدًا عسكريًا فقط، بل يشمل أيضًا تفكك النسيج الاجتماعي، إضعاف الثقة في المؤسسات، واستنزاف الموارد الاقتصادية والبشرية. وتعكس هذه الخلفيات ضرورة إعادة النظر في استراتيجيات الإدارة الوطنية لضمان استدامة القوة الداخلية والمناعة الوطنية على المدى الطويل.